نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{قَالَ فَإِنَّا قَدۡ فَتَنَّا قَوۡمَكَ مِنۢ بَعۡدِكَ وَأَضَلَّهُمُ ٱلسَّامِرِيُّ} (85)

{ قال } الرب سبحانه : { فإنا } أي قد{[49664]} تسبب عن عجلتك عنهم أنا { قد فتنا } أي خالطنا بعظمتنا مخالطة{[49665]} مميلة محيلة{[49666]} { قومك } بتعجلك .

ولما كانت الفتنة لم تستغرق جميع الزمن الذي كان بعده ، وإنما كانت في بعضه ، أدخل الجارّ فقال : { من بعدك } أي خالطناهم بأمر من أمرنا مخالطة أحالتهم عما عهدتهم عليه{[49667]} ، وكان ذلك{[49668]} بعد تمام المدة التي ضربتها{[49669]} لهم ، وهي الثلاثون بالفعل وبالقوة فقط ، من أول ما فارقتهم بضربك لتلك المدة{[49670]} باعتبار أن أول إتيانك{[49671]} هو الذي كان سبب الفتنة لزيادة أيام الغيبة بسببه{[49672]} لأنا زدنا في آخر{[49673]} المدة بمقدار ما عجلت به في أولها ، فلما تأخر رجوعك إليهم حصل لهم الفتون بالفعل ، فظنوا مرجمات الظنون .

{[49674]}ولما عمتهم الفتنة إلا اثني عشر ألفاً من أكثر من ستمائة ألف{[49675]} ، {[49676]}أطلق الضلال على الكل فقال{[49677]} : { وأضلهم السامري* } أي{[49678]} عن طريق الرشد {[49679]}بما سبب لهم{[49680]} ؟ روى النسائي في التفسير من{[49681]} سننه ، وأبو يعلى في مسنده{[49682]} و{[49683]}ابن جرير{[49684]} وابن أبي حاتم في تفسيريهما عن ابن عباس رضي الله عنهما في حديث الفتون أن موسى عليه السلام لما وعده ربه أن يكلمه استخلف على قومه أخاه هارون عليه السلام ، وأجلهم ثلاثين{[49685]} يوماً ، وذهب فصامها{[49686]} ليلها ونهارها ، ثم كره أن يكلم ربه وريح فمه متغير ، فمضغ شيئاً من نبات الأرض فقال له ربه : أوما علمت أن ريح الصائم أطيب من ريح المسك ؟ ارجع فصم عشراً ، فلما رأى قوم موسى أنه لم يرجع إليهم ساءهم ذلك ، وكان هارون قد خطبهم وقال : إنكم خرجتم من مصر ، ولقوم{[49687]} فرعون عندكم عواريّ وودائع ، ولكم فيها مثل ذلك ، وأنا أرى أن تحسبوا ما لكم عندهم ، ولا أحل لكم وديعة{[49688]} استودعتموها ولا عاريّة ، ولسنا برادين إليهم شيئاً من ذلك ولا ممسكيه لأنفسنا ، فحفر حفيراً وأمر كل قوم عندهم من ذلك من {[49689]}متاع أو حلية أن{[49690]} يقذفوه في ذلك{[49691]} الحفير ، ثم أوقد عليه النار فأحرقه فقال : لا يكون{[49692]} لنا ولا لهم ، وكان السامري من قوم يعبدون البقر ، جيران لبني إسرائيل ولم يكن من بني إسرائيل ، فاحتمل مع موسى وبني إسرائيل حين احتملوا ، فقضى له أن رأى أثراً فقبض منه قبضة{[49693]} فمر بهارون فقال له هارون عليه السلام : يا سامري ! ألا تلقي ما في يدك - وهو قابض عليه لا يراه أحد طوال ذلك اليوم ، فقال هذه قبضة من أثر الرسول الذي جاوز بكم البحر ، و{[49694]}لا ألقيها لشيء إلا أن تدعو الله إذا ألقيتها أن يكون ما أريد ، فألقاها ودعا له هارون ، فقال : أريد أن يكون عجلاً ، فاجتمع ما كان{[49695]} في الحفرة من متاع أو{[49696]} حلية أو نحاس أو حديد ، فصار عجلاً أجوف ليس فيه{[49697]} الروح ، له خوار ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : لا والله ! ما كان له صوت قط ، إنما كانت الريح تدخل في{[49698]} دبره فتخرج من فيه ، فكان ذلك الصوت من ذلك ، فتفرق بنو إسرائيل فرقاً ، فقالت فرقة : يا سامري ! ما هذا وأنت أعلم به ؟ قال : هذا ربكم ، ولكن موسى أضل{[49699]} الطريق ، فقالت فرقة : لا نكذب بهذا حتى يرجع إلينا موسى .

فإن كان ربنا لم نكن ضيعناه وعجزنا فيه حين رأيناه ، وإن لم يكن ربنا فإنّا نتبع قول موسى ، وقالت فرقة : هذا عمل الشيطان ، وليس بربنا ، ولن نؤمن به ولن نصدق ، وأشرب{[49700]} فرقة في قلوبهم الصدق بما قال السامري في العجل وأعلنوا التكذيب به{[49701]} - الحديث .


[49664]:زيد من ظ .
[49665]:سقط من مد.
[49666]:ما بين الرقمين بياض في الأصل ملأناه من مد والعبارة من "أي خالطنا" إلى هنا ساقطة من ظ.
[49667]:زيد من ظ.
[49668]:بين سطري ظ، بالقوة والعبارة من بعده إلى "فقط من " ساقطة من ظ.
[49669]:من مد وفي الأصل: ضربناها.
[49670]:زيد من مد.
[49671]:زيد من ظ.
[49672]:بين سطري ظ: بالفعل.
[49673]:في مد: زيادة.
[49674]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[49675]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[49676]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[49677]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[49678]:سقط من ظ.
[49679]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[49680]:سقط ما بين الرقمين من ظ
[49681]:في مد في.
[49682]:ص 167/ ب من نسخة خطية مخزونة بالدائرة.
[49683]:من مد وفي الأصل وظ: ابن خزيمة؛ ورواه ابن جرير في مناسبة آية الفتون مختصرا.
[49684]:من مد وفي الأصل وظ: بن خزيمة ورواه ابن جرير في مناسبة آية الفتون مختصرا.
[49685]:من ظ ومد ومسند أبي يعلى وفي الأصل: ثلاثون.
[49686]:من وظ مد والمسند وفي الأصل: فصام.
[49687]:من ظ ومد والمسند وفي الأصل تقوم.
[49688]:في مد: ودايعة.
[49689]:من ظ ومد والمسند وفي الأصل: حلية أو متاع و.
[49690]:من ظ ومد والمسند وفي الأصل: حلية أو متاع و.
[49691]:من ظ ومد والمسند وفي الأصل: تلك.
[49692]:زيد في الأصل : لا ولم تكن الزيادة في ظ ومد والمسند فحذفناها.
[49693]:زيد من ظ ومد والمسند.
[49694]:زيد من ظ ومد والمسند.
[49695]:سقط من مد.
[49696]:من المسند وفي الأصول "و".
[49697]:في مد: له.
[49698]:في المسند: من.
[49699]:بهامش ظ: الهمزة في أضل للصيرورة.
[49700]:بهامش ظ: من الشرب أي كأن صدقهم به شرب.
[49701]:بين سطري ظ: بما قال هارون أو بسبب ما قال السامري.