تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{بَلۡ كَذَّبُواْ بِٱلسَّاعَةِۖ وَأَعۡتَدۡنَا لِمَن كَذَّبَ بِٱلسَّاعَةِ سَعِيرًا} (11)

ولما كانت تلك الأقوال التي قالوها معلومة الفساد أخبر تعالى أنها لم تصدر منهم لطلب الحق ، ولا لاتباع البرهان وإنما صدرت منهم تعنتا وظلما وتكذيبا بالحق ، فقالوا ما بقلوبهم من ذلك ولهذا قال : { بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ } والمكذب المتعنت الذي ليس له قصد في اتباع الحق ، لا سبيل إلى هدايته ولا حيلة في مجادلته وإنما له حيلة واحدة وهي نزول العذاب به ، فلهذا قال : { وَأَعْتَدْنَا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيرًا } أي : نارا عظيمة قد اشتد سعيرها ، وتغيظت على أهلها واشتد زفيرها .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{بَلۡ كَذَّبُواْ بِٱلسَّاعَةِۖ وَأَعۡتَدۡنَا لِمَن كَذَّبَ بِٱلسَّاعَةِ سَعِيرًا} (11)

وعند هذا الحد من استعراض مقولاتهم الظالمة عن الله وعلى رسول الله ، يكشف عن مدى آخر من آماد كفرهم وضلالهم . فهم يكذبون بالساعة ، ومن ثم لا يتحرجون من ظلم ولا افتراء ، ولا يخشون يوما يلقون فيه الله فيحاسبهم على الظلم والافتراء . وهنا يصورهم في مشهد من مشاهد القيامة يزلزل القلوب الصلدة ويهز المشاعر الخامدة ، ويطلعهم على هول ما ينتظرهم هناك ؛ وعلى حسن ما ينتظر المؤمنين في ذلك الهول العظيم :

( بل كذبوا بالساعة وأعتدنا لمن كذب بالساعة سعيرا ، إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا ، وإذا ألقوا منها مكانا ضيقا مقرنين دعوا هنالك ثبورا . لا تدعوا اليوم ثبورا واحدا وادعوا ثبورا كثيرا ) !

قل : أذلك خير أم جنة الخلد التي وعد المتقون كانت لهم جزاء ومصيرا ، لهم فيها ما يشاءون خالدين ، كان على ربك وعدا مسؤلا ? . .

بل كذبوا بالساعة . . وبلغوا هذا المدى من الكفر والضلال . هذا المدى الذي يصوره التعبير بعيدا متطاولا ، يضرب عن كل ما قبله ليبرزه ويجسمه : ( بل كذبوا بالساعة ) . . . ثم يكشف عن الهول الذي ينتظر أصحاب هذه الفعلة الشنيعة . إنها السعير حاضرة مهيأة : ( وأعتدنا لمن كذب بالساعة سعيرا ) . .

والتشخيص - ونعني به خلع الحياة وتجسيمها على ما ليس من شأنه الحياة المجسمة من الأشياء والمعاني والحالات النفسية - فن في القرآن ، يرتفع بالصور وبالمشاهد التي يعرضها إلى حد الإعجاز ، بما يبث فيها من عنصر الحياة .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{بَلۡ كَذَّبُواْ بِٱلسَّاعَةِۖ وَأَعۡتَدۡنَا لِمَن كَذَّبَ بِٱلسَّاعَةِ سَعِيرًا} (11)

المعنى ليس بهم في تكذيبك ومشيك في الأسواق بل إنهم كفرة لا يفقهون الحق ، فقوله { بل } ترك لنفس اللفظ المتقدم لا لمعناه على ما تقتضيه «بل » في مشهور معناها ، { وأعتدنا } جعلنا معداً ، والعتاد ما يعد من الأشياء ، و «السعير » طبق من أطباق . جهنم .