اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{بَلۡ كَذَّبُواْ بِٱلسَّاعَةِۖ وَأَعۡتَدۡنَا لِمَن كَذَّبَ بِٱلسَّاعَةِ سَعِيرًا} (11)

قوله تعالى{[35442]} : { بَلْ كَذَّبُواْ بالساعة } أي : بالقيامة ، فلا يرجون ثواباً ولا عقاباً فلا يتكلفون{[35443]} النظر والفكر ولهذا لا ينتفعون بما يورد عليهم من الدلائل . { وَأَعْتَدْنَا لِمَن كَذَّبَ بالساعة سَعِيراً } . قال أبو مسلم : «أَعْتَدْنَا » أي : جعلناها عتيداً ومعدة{[35444]} لهم ، والسعير : النار الشديدة الاستعار ، وعن الحسن : أنه اسم جهنم{[35445]} .

فصل

احتج أهل السنة على أن الجنة مخلوقة بقوله تعالى : { أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ } [ آل عمران : 133 ] وعلى أن النار التي هي دار العقاب مخلوقة بهذه الآية{[35446]} .

قال الجبائي : يحتمل في قوله : «وَأعْتَدْنَا » أن المراد منه نار الدنيا ، وبها نعذب الكفار والفساق في قبورهم ، ويحتمل نار الآخرة ، ويكون المعنى : «وأَعْتَدْنَا » أي : سنعدّها{[35447]} ، كقوله تعالى : { ونادى أَصْحَابُ الجنة أَصْحَابَ النار } [ الأعراف : 44 ] . وهذا جواب ساقط ، لأن المراد من السعير إما نار الدنيا ، أو نار الآخرة ، فإن كان الأول فإما أن يكون المراد أنه تعالى يعذبهم في الدنيا بنار الدنيا ، أو يعذبهم في الآخرة بنار الدنيا{[35448]} . والأول باطل ، لأنه تعالى ما عذبهم بالنار في الدنيا ، والثاني - أيضاً - باطل ؛ لأنه لم يقل أحد من الأمة إنه تعالى يعذب الكفرة في الآخرة بنيران الدنيا . فثبت أن المراد نار الآخرة وأنها معدة .

وأما حمل الآية على أن الله تعالى سيجعلها معدة فترك للظاهر من غير دليل{[35449]} .


[35442]:تعالى: سقط من ب.
[35443]:في الأصل: يتكلفوا.
[35444]:في النسختين: معدا والتصويب من الفخر الرازي.
[35445]:انظر الفخر الرازي 24/55.
[35446]:انظر الفخر الرازي 24/55.
[35447]:في ب: سعدها.
[35448]:في ب: الآخرة. وهو تحريف.
[35449]:انظر الفخر الرازي 24/55.