فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{بَلۡ كَذَّبُواْ بِٱلسَّاعَةِۖ وَأَعۡتَدۡنَا لِمَن كَذَّبَ بِٱلسَّاعَةِ سَعِيرًا} (11)

ثم أضرب الله سبحانه عن توبيخهم بما حكاه عنهم من الكلام الذي لا يصدر عن العقلاء فقال :

{ بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ } أي : بل أتوا بأعجب من ذلك كله ، وهو تكذيبهم بالساعة ، فلهذا لا ينتفعون بالدلائل ، ولا يتأملون فيها ، ثم ذكر سبحانه ما أعده لمن كذب بالساعة فقال { وَأَعْتَدْنَا } أي : والحال إنا أعتدنا ، وهيأنا وخلقنا { لِمَن كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيرًا } قال أبو مسلم : أي جعلناه عتيدا ، ومعدا لهم ، انتهى . والسعير هي النار المتسعرة المشتعلة ، والنار موجودة اليوم

{ إِذَا رَأَتْهُم مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا ( 12 ) وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا ( 13 ) لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا ( 14 ) قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كَانَتْ لَهُمْ جَزَاء وَمَصِيرًا ( 15 ) لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاؤُونَ خَالِدِينَ كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْدًا مَسْئولًا ( 16 ) } .

لهذه الآية ، كما أن الجنة كذلك لقوله تعالى { أعدت للمتقين }

ووضع الساعة موضع ضميرها للمبالغة في التشنيع وإعداد السعير لهم وإن لم يكن لخصوص تكذيبهم بالساعة بل لأي تكذيب بشيء من الشريعة ، لكن الساعة لما كانت هي العلة القريبة لدخولهم السعير ، اقتصر على ترتيب الإعداد على التكذيب بها .