{ 7 - 17 } { كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ * كِتَابٌ مَرْقُومٌ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ * الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ * وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ * إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ * كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ * ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ * ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ }
يقول تعالى : { كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ } [ وهذا شامل لكل فاجر ] من أنواع الكفرة والمنافقين ، والفاسقين { لَفِي سِجِّينٍ }
وقد سماهم المطففين في المقطع الأول . فأما في المقطع الثاني فيسميهم الفجار . إذ يدخلهم في زمرة الفجار ، ويتحدث عن هؤلاء . يتحدث عن اعتبارهم عند الله ، وعن حالهم في الحياة . وعما ينتظرهم يوم يبعثون ليوم عظيم .
كلا ! إن كتاب الفجار لفي سجين . وما أدراك ما سجين ? كتاب مرقوم . ويل يومئذ للمكذبين : الذين يكذبون بيوم الدين ؛ وما يكذب به إلا كل معتد أثيم ، إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين . كلا ! بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون . كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون . ثم إنهم لصالو الجحيم . ثم يقال : هذا الذي كنتم به تكذبون . .
إنهم لا يظنون أنهم مبعوثون ليوم عظيم . . فالقرآن يردعهم عن هذا ويزجرهم ، ويؤكد أن لهم كتابا تحصى فيه أعمالهم . . ويحدد موضعه زيادة في التوكيد . ويوعدهم بالويل في ذلك اليوم الذي يعرض فيه كتابهم المرقوم : ( كلا . إن كتاب الفجار لفي سجين . وما أدراك ما سجين ? كتاب مرقوم . ويل يومئذ للمكذبين ) ! .
والفجار هم المتجاوزون للحد في المعصية والإثم . واللفظ يوحي بذاته بهذا المعنى . وكتابهم هو سجل أعمالهم . ولا ندري نحن ماهيته ولم نكلف هذا . وهو غيب لا نعرف عنه إلا بمقدار ما يخبرنا عنه صاحبه ولا زيادة - فهناك سجل لأعمال الفجار يقول القرآن : إنه في سجين .
إبطال وردع لما تضمنته جملة : { ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون } [ المطففين : 4 ] من التعجيب من فعلهم التطفيف ، والمعنى : كلا بل هم مبعوثون لذلك اليوم العظيم ولتلقي قضاء رب العالمين فهي جواب عما تقدم .
{ إِنَّ كتاب الفجار لَفِى سِجِّينٍ } .
استئناف ابتدائي بمناسبة ذكر يوم القيامة . وهو تعريض بالتهديد للمطففين بأن يكون عملهم موجِباً كتْبه في كتاب الفجار .
و { الفجار } غلب على المشركين ومن عسى أن يكون متلبساً بالتطفيف بعد سماع النهي عنه من المسلمين الذي ربما كان بعضهم يفعله في الجاهلية .
والتعريف في { الفجار } للجنس مراد به الاستغراق ، أي جميع المشركين فيعم المطففين وغير المطففين ، فوصف الفجار هنا نظير ما في قوله : { أولئك هم الكفرة الفجرة } [ عبس : 42 ] .
وشمول عموم الفجار لجميع المشركين المطففين منهم وغير المطففين يُعنى به أن المطففين منهم المقصود الأول من هذا العموم ، لأن ذكر هذا الوصف والوعيد عليه عقب كلمة الردع عن أعمال المطففين قرينة على أن الوعيد موجّه إليهم .
و« الكتابُ » المكتوبُ ، أي الصحيفة وهو هنا يحتمل شيئاً تحصى فيه الأعمال ، ويحتمل أن يكون كناية عن إحصاء أعمالهم وتوقيفهم عليها ، وكذلك يَجري على الوجهين قولُه : { كتاب مرقوم } وتقدمت نظائره غير مرة .
و { سجين } حروف مادته من حروف العربية ، وصيغته من الصيغ العربية ، فهو لفظ عربي ، ومن زعم أنه معرّب فقد أغرب . روي عن الأصمعي : أن العرب استعملوا سجين عوضاً عن سلْتِين ، وسلتين كلمة غير عربية .
ونون { سجين } أصلية وليست مبدلة عن اللام ، وقد اختلف في معناه على أقوال أشهرها وأولاها أنه عَلَم لواد في جهنم ، صيغ بزنة فِعِّيل من مادة السجن للمبالغة مثل : الملك الضِّليل ، ورجل سِكّير ، وطعام حِرّيف ( شديد الحرافة وهي لذع اللسان ) سمي ذلك المكان سجيناً لأنه أشدّ الحَبْس لمن فيه فلا يفارقه وهذا الاسم من مصطلحات القرآن لا يعرف في كلام العرب من قبل ولكن مادته وصيغته موضوعتان في العربية وضعاً نوعياً . وقد سمع العرب هذا الاسم ولم يطعنوا في عربيته .
ومحمل قوله : { لفي سجين } إن كان على ظاهر الظرفية كان المعنى أن كتب أعمال الفجار مودعة في مكان اسمه { سجين } أو وصفه { سجين } وذلك يؤذن بتحقيره ، أي تحقير ما احتوى عليه من أعمالهم المكتوبة فيه ، وعلى هذا حمله كثير من المتقدمين ، وروى الطبري بسنده حديثاً مرفوعاً يؤيد ذلك لكنه حديث منكر لاشتمال سنده على مجاهيل .
وإن حُملت الظرفيةُ في قوله : { لفي سجين } على غير ظاهرها ، فجَعْل كتاب الفجّار مظروفاً في { سجين } مجاز عن جعل الأعمال المحصاة فيه في سجّين ، وذلك كناية رمزية عن كون الفجار في سجّين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.