تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أَرَءَيۡتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَٰهَهُۥ هَوَىٰهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيۡهِ وَكِيلًا} (43)

وهل فوق ضلال من جعل إلهه معبوده [ هواه ]{[580]} فما هويه فعله فلهذا قال : { أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ } ألا تعجب من حاله وتنظر ما هو فيه من الضلال ؟ وهو يحكم لنفسه بالمنازل الرفيعة ؟

{ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا } أي : لست عليه بمسيطر مسلط بل إنما أنت منذر ، وقد قمت بوظيفتك وحسابه على الله .


[580]:- زيادة مني يقتضيها السياق مع العلم أن كلمة هواه كتبت في ب بدلا عن معبوده ثم شطبت.
 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَرَءَيۡتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَٰهَهُۥ هَوَىٰهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيۡهِ وَكِيلًا} (43)

21

ويلتفت بالخطاب إلى رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] يعزيه عن عنادهم وجموحهم واستهزائهم ، فهو لم يقصر في الدعوة ، ولم يقصر في الحجة ، ولم يستحق ما لاقوه به من التطاول ، إنما العلة فيهم أنفسهم . فهم يجعلون من هواهم إلها يعبدونه ، ولا يرجعون إلى حجة أو برهان . وماذا يملك الرسول لمن يتخذ إلهه هواه :

( أرأيت من اتخذ إلهه هواه . أفأنت تكون عليه وكيلا ? ) . .

وهو تعبير عجيب يرسم نموذجا عميقا لحالة نفسية بارزة ، حين تنفلت النفس من كل المعايير الثابتة والمقاييس المعلومة ، والموازين المضبوطة ، وتخضع لهواها ، وتحكم شهواتها وتتعبد ذاتها ، فلا تخضع لميزان ، ولا تعترف بحد ، ولا تقتنع بمنطق ، متى اعترض هواها الطاغي الذي جعلت منه إلها يعبد ويطاع .

والله - سبحانه - يخاطب عبده في رفق ومودة وإيناس في أمر هذا النموذج من الناس : ( أرأيت ? )ويرسم له هذه الصورة الناطقة المعبرة عن ذلك النموذج الذي لا جدوى من المنطق معه ، ولا وزن للحجة ، ولا قيمة للحقيقة ؛ ليطيب خاطره من مرارة الإخفاق في هدايته . فهو غير قابل للهدى ، وغير صالح لأن يتوكل الرسول بأمره ، ولا أن يحفل بشأنه : ( أفأنت تكون عليه وكيلا ? ) . .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{أَرَءَيۡتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَٰهَهُۥ هَوَىٰهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيۡهِ وَكِيلًا} (43)

{ أرأيت من أتخذ إلهه هواه } بأن أطاعه وبنى عليه دينه لا يسمع حجة ولا يبصر دليلا ، وإنما قدم المفعول الثاني للعناية به . { أفأنت تكون عليه وكيلا } حفيظا تمنعه عن الشرك والمعاصي وحاله هذا فالاستفهام الأول للتقرير والتعجيب والثاني للإنكار .