تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَوَقَىٰهُ ٱللَّهُ سَيِّـَٔاتِ مَا مَكَرُواْۖ وَحَاقَ بِـَٔالِ فِرۡعَوۡنَ سُوٓءُ ٱلۡعَذَابِ} (45)

{ فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا } أي : وقى الله القويّ الرحيم ، ذلك الرجل المؤمن الموفق ، عقوبات ما مكر فرعون وآله له ، من إرادة إهلاكه وإتلافه ، لأنه بادأهم بما يكرهون ، وأظهر لهم الموافقة التامة لموسى عليه السلام ، ودعاهم إلى ما دعاهم إليه موسى ، وهذا أمر لا يحتملونه وهم الذين لهم القدرة إذ ذاك ، وقد أغضبهم واشتد حنقهم عليه ، فأرادوا به كيدًا فحفظه الله من كيدهم ومكرهم وانقلب كيدهم ومكرهم ، على أنفسهم ، { وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ } أغرقهم الله تعالى في صبيحة واحدة عن آخرهم .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَوَقَىٰهُ ٱللَّهُ سَيِّـَٔاتِ مَا مَكَرُواْۖ وَحَاقَ بِـَٔالِ فِرۡعَوۡنَ سُوٓءُ ٱلۡعَذَابِ} (45)

21

ويجمل السياق حلقات القصة بعد هذا . وما كان بين موسى وفرعون وبني إسرائيل . إلى موقف الغرق والنجاة : ويقف ليسجل " لقطات " بعد هذا الموقف الأخير . وبعد الحياة :

( فوقاه الله سيئات ما مكروا ، وحاق بآل فرعون سوء العذاب . النار يعرضون عليها غدوا وعشياً ، ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب ) .

وإذ يتحاجون في النار ، فيقول الضعفاء للذين استكبروا : إنا كنا لكم تبعاً ، فهل أنتم مغنون عنا نصيباً من النار ? قال الذين استكبروا : إنا كل فيها ، إن الله قد حكم بين العباد . وقال الذين في النار لخزنة جهنم : أدعوا ربكم يخفف عنا يوماً من العذاب . قالوا : أو لم تك تأتيكم رسلكم بالبينات ? قالوا : بلى . قالوا :

( فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال ) . .

لقد طويت الدنيا ، وعرضت أول صفحة بعدها . فإذا الرجل المؤمن الذي قال كلمة الحق ومضى ، قد وقاه الله سيئات مكر فرعون وملئه ، فلم يصبه من آثارها شيء في الدنيا ، ولا فيما بعدها أيضاً . بينما حاق بآل فرعون سوء العذاب :

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَوَقَىٰهُ ٱللَّهُ سَيِّـَٔاتِ مَا مَكَرُواْۖ وَحَاقَ بِـَٔالِ فِرۡعَوۡنَ سُوٓءُ ٱلۡعَذَابِ} (45)

وقوله [ تعالى ]{[25514]} : { فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا } أي : في الدنيا والآخرة ، أما في الدنيا فنجاه الله مع موسى ، عليه السلام ، وأما في الآخرة فبالجنة

45


[25514]:- (1) زيادة من أ.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَوَقَىٰهُ ٱللَّهُ سَيِّـَٔاتِ مَا مَكَرُواْۖ وَحَاقَ بِـَٔالِ فِرۡعَوۡنَ سُوٓءُ ٱلۡعَذَابِ} (45)

تفريع { فَوَقاهُ الله } مؤذن بأنهم أضمروا مكراً به . وتسميته مكراً مؤذن بأنهم لم يُشعروه به وأن الله تكفل بوقايته لأنه فوَّض أمره إليه . والمعنى : فأنجاه الله ، فيجوز أن يكون نجا مع موسى وبني إسرائيل فخرج معهم ، ويجوز أن يكون فرّ من فرعون ولم يعثروا عليه .

و ( ما ) مصدرية . والمعنى : سيئات مكْرهم . وإضافة { سيئات } إلى ( مكر ) إضافة بيانية ، وهي هنا في قوة إضافة الصفة إلى الموصوف لأن المكر سيّء . l وإنما جُمع السيئات باعتبار تعدد أنواع مكرهم التي بيّتوها .

وحَاق : أحاط . والعذاب : الغَرَق . والتعريف للعهد لأنه مشهور معلوم . وتقدم له ذكر في السور النازلة قبل هذه السورة .

ومناسبة فعل { حَاق } لذلك العذاب أنه مما يَحيق على الحقيقة ، وإنما كان الغَرَق سوء عذاب لأن الغريق يعذب باحتباس النفَس مدة وهو يطفو على الماء ويغوص فيه ويُرعبه هول الأمواج وهو مُوقن بالهلاك ثم يكون عُرضة لأكْل الحيتان حيًّا وميِّتاً وذلك ألم في الحياة وخزي بعد الممات يُذكرون به بين الناس .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{فَوَقَىٰهُ ٱللَّهُ سَيِّـَٔاتِ مَا مَكَرُواْۖ وَحَاقَ بِـَٔالِ فِرۡعَوۡنَ سُوٓءُ ٱلۡعَذَابِ} (45)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{فوقاه الله سيئات ما مكروا} يعني ما أرادوا به من الشر.

{وحاق بآل فرعون سوء العذاب}: ووجب بآل القبط، وكان فرعون قبطيا، شدة العذاب يعني الغرق.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وقوله:"فَوَقاهُ اللّهُ سَيّئاتِ ما مَكَرُوا" يقول تعالى ذكره: فدفع الله عن هذا المؤمن من آل فرعون بإيمانه وتصديق رسوله موسى، مكروه ما كان فرعون ينال به أهل الخلاف عليه من العذاب والبلاء، فنجاه منه...

وقوله: "وَحاقَ بآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ العَذابِ "يقول: وحل بآل فرعون ووجب عليهم وعُني بآل فرعون في هذا الموضع تبّاعه وأهل طاعته من قومه...

وعُني بقوله: "سُوءُ العَذَابِ": ما ساءهم من عذاب الله، وذلك نار جهنم.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا} دل هذا على أنهم قصدوا قصد المكر به حين أخبر أنه وقاه سيئات ما مكروا، فجائز أنهم همّوا بقتله، ويحتمل غيره.

ثم يحتمل ما وقاه من مكرهم بما وقى موسى عليه السلام فأهلكهم، وأنجاه من شرهم، ويحتمل وجها آخر، لا نفسّره لأنا لا نحتاج إليه، وإنما حاجاتنا إلى أن نعلم أن كل من بذل نفسه لله تعالى ووكل أمره إليه، وقاه الله تعالى وحفظه...

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

اعلم أنه تعالى لما بين أن ذلك الرجل لم يقصر في تقرير الدين الحق، وفي الذب عنه فالله تعالى رد عنه كيد الكافرين وقصد القاصدين.

{فوقاه الله سيئات ما مكروا} يدل على أنه لما صرح بتقرير الحق فقد قصدوه بنوع من أنواع السوء، وقيل المراد بقوله {فوقاه الله سيئات ما مكروا} أنهم قصدوا إدخاله في الكفر وصرفه عن الإسلام {فوقاه الله} عن ذلك. إلا أن الأول أولى؛ لأن قوله بعد ذلك {وحاق بآل فرعون سوء العذاب} لا يليق إلا بالوجه الأول.

{وحاق بآل فرعون سوء العذاب} قيل المراد منه النار المذكورة في قوله {النار يعرضون عليها} قال الزجاج {النار} بدل من قوله {سوء العذاب} قال: وجائز أيضا أن تكون مرتفعة على إضمار تفسير {سوء العذاب} كأن قائلا قال: ما سوء العذاب؟ فقيل: {النار يعرضون عليها}...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

لما كان المكر السيء لا يحيق إلا بأهله قال: {وحاق} أي نزل محيطاً بعد إحاطة الإغراق {بآل فرعون} أي كلهم فرعون وأتباعه؛ لأجل إصرارهم على الكفر ومكرهم فالإحاطة بفرعون من باب الأولى وإن لم نقل: أن الآل مشترك بين الشخص والأتباع؛ لأن العادة جرت أنه لا يوصل إلى جميع أتباع الإنسان إلا بعد إذلاله وأخذه فهو مفهوم موافقة.

{سوء العذاب} أي العقوبة المانعة من كل مستعذب...