تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قَالَ لَهُۥ صَاحِبُهُۥ وَهُوَ يُحَاوِرُهُۥٓ أَكَفَرۡتَ بِٱلَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٖ ثُمَّ مِن نُّطۡفَةٖ ثُمَّ سَوَّىٰكَ رَجُلٗا} (37)

{ 37-39 } { قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا * لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًاوَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ }

أي : قال له صاحبه المؤمن ، ناصحا له ، ومذكرا له حاله الأولى ، التي أوجده الله فيها في الدنيا { مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا } فهو الذي أنعم عليك بنعمة الإيجاد والإمداد ، وواصل عليك النعم ، ونقلك من طور إلى طور ، حتى سواك رجلا ، كامل الأعضاء والجوارح المحسوسة ، والمعقولة ، وبذلك يسر لك الأسباب ، وهيأ لك ما هيأ من نعم الدنيا ، فلم تحصل لك الدنيا بحولك وقوتك ، بل بفضل الله تعالى عليك ، فكيف يليق بك أن تكفر بالله الذي خلقك من تراب ، ثم من نطفة ثم سواك رجلا ، وتجحد{[488]}  نعمته ، وتزعم أنه لا يبعثك ، وإن بعثك أنه يعطيك خيرا من جنتك ؟ ! هذا مما لا ينبغي ولا يليق .


[488]:- في ب: وتجهل.
 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قَالَ لَهُۥ صَاحِبُهُۥ وَهُوَ يُحَاوِرُهُۥٓ أَكَفَرۡتَ بِٱلَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٖ ثُمَّ مِن نُّطۡفَةٖ ثُمَّ سَوَّىٰكَ رَجُلٗا} (37)

28

فأما صاحبه الفقير الذي لا مال له ولا نفر ، ولا جنة عنده ولا ثمر . . فإنه معتز بما هو أبقى وأعلى . معتز بعقيدته وإيمانه . معتز بالله الذي تعنو له الجباه ؛ فهو يجبه صاحبه المتبطر المغرور منكرا عليه بطره وكبره ، يذكره بمنشئه المهين من ماء وطين ،

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قَالَ لَهُۥ صَاحِبُهُۥ وَهُوَ يُحَاوِرُهُۥٓ أَكَفَرۡتَ بِٱلَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٖ ثُمَّ مِن نُّطۡفَةٖ ثُمَّ سَوَّىٰكَ رَجُلٗا} (37)

يقول تعالى مخبرًا عما أجابه صاحبه المؤمن ، واعظًا له وزاجرًا عما هو فيه من الكفر بالله والاغترار : { أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلا } ؟ وهذا إنكار وتعظيم لما وقع فيه من جحود ربه ، الذي خلقه وابتدأ خلق الإنسان من طين وهو آدم ، ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين ، كما قال تعالى : { كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ } [ البقرة : 280 ] أي : كيف تجحَدُون ربكم ، ودلالته عليكم ظاهرة جلية ، كل أحد يعلمها من نفسه ، فإنه ما من أحد من المخلوقات إلا ويعلم أنه كان معدومًا ثم وجد ، وليس وجوده من نفسه ولا مستندًا إلى شيء من المخلوقات ؛ لأنه بمثابته فعلم إسناد{[18181]} إيجاده إلى خالقه ، وهو الله ، لا إله إلا هو ، خالق كل شيء ؛

37


[18181]:في ف: "استناد".
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قَالَ لَهُۥ صَاحِبُهُۥ وَهُوَ يُحَاوِرُهُۥٓ أَكَفَرۡتَ بِٱلَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٖ ثُمَّ مِن نُّطۡفَةٖ ثُمَّ سَوَّىٰكَ رَجُلٗا} (37)

وقوله { قال له صاحبه } حكاية أن المؤمن من الرجلين لما سمع كلام الكافر وقفه على جهة التوبيخ على كفر بالله تعالى ، وقرأ أبي بن كعب : «وهو يخاصمه » ، وقرأ ثابت البناني ، «ويلك أكفرت » ، ثم جعل يعظم الله تعالى عنده بأوصاف تضمنت النعم والدلائل على جواز البعث من القبور ، وقوله { من تراب } إشارة إلى آدم عليه السلام ، وقوله { سواك رجلاً } كما تقول سواك شخصاً أو حياً ، أو نحو هذا من التأكيدات ، وقد يحتمل أن قصد تخصيص الرجولة ، على وجه تعديد النعمة ، في أن لم يكن أنثى ولا خنثى ، وذكر الطبري نحو هذا .