تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَرَءَا ٱلۡمُجۡرِمُونَ ٱلنَّارَ فَظَنُّوٓاْ أَنَّهُم مُّوَاقِعُوهَا وَلَمۡ يَجِدُواْ عَنۡهَا مَصۡرِفٗا} (53)

{ 53 } { وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا }

أي : لما كان يوم القيامة وحصل من الحساب ما حصل ، وتميز كل فريق من الخلق بأعمالهم ، وحقت كلمة العذاب على المجرمين ، فرأوا جهنم قبل دخولها ، فانزعجوا واشتد قلقهم لظنهم أنهم مواقعوها ، وهذا الظن قال المفسرون : إنه بمعنى اليقين ، فأيقنوا أنهم داخلوها { وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا } أي : معدلا يعدلون إليه ، ولا شافع لهم من دون إذنه ، وفي هذا من التخويف والترهيب ، ما ترعد له الأفئدة والقلوب .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَرَءَا ٱلۡمُجۡرِمُونَ ٱلنَّارَ فَظَنُّوٓاْ أَنَّهُم مُّوَاقِعُوهَا وَلَمۡ يَجِدُواْ عَنۡهَا مَصۡرِفٗا} (53)

47

ويتطلع المجرمون ، فتمتليء نفوسهم بالخوف والهلع ، وهم يتوقعون في كل لحظة أن يقعوا فيها . وما أشق توقع العذاب وهو حاضر ، وقد أيقنوا أن لا نجاة منها ولا محيص :

( ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها ، ولم يجدوا عنها مصرفا )

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَرَءَا ٱلۡمُجۡرِمُونَ ٱلنَّارَ فَظَنُّوٓاْ أَنَّهُم مُّوَاقِعُوهَا وَلَمۡ يَجِدُواْ عَنۡهَا مَصۡرِفٗا} (53)

وقوله : { وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا } أي : إنهم لما عاينوا جهنم حين{[18277]} جيء بها تقاد بسبعين ألف زمام ، مع كل زمام سبعون ألف ملك ، فإذا رأى المجرمون النار ، تحققوا لا محالة أنهم مواقعوها ، ليكون ذلك من باب تعجيل الهم والحزن لهم ، فإن توقع العذاب والخوف منه قبل وقوعه ، عذاب ناجز .

{ وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا } أي : ليس{[18278]} لهم طريق يعدل بهم عنها ولا بد لهم منها .

قال ابن جرير : حدثني يونس ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرني عمرو بن الحارث ، عن دَرّاج عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد ، عن رسول الله{[18279]} صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إن الكافر يرى{[18280]} جهنم ، فيظن أنها مواقعته من مسيرة أربعين{[18281]} سنة " {[18282]}

وقال الإمام أحمد : حدثنا حسن ، حدثنا ابن{[18283]} لهيعة ، حدثنا دراج ، عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ينصب الكافر مقدار خمسين ألف سنة ، كما لم يعمل في الدنيا ، وإن الكافر ليرى جهنم ، ويظن أنها مواقعته من مسيرة أربعين سنة " {[18284]} .


[18277]:في ت: "حتى".
[18278]:في ت، ف، أ: "وليس".
[18279]:في ف، أ: "عن النبي".
[18280]:في ف، أ: "ليرى".
[18281]:في ف: "أربعمائة".
[18282]:تفسير الطبري (15/173) ودراج عن أبي الهيثم ضعيف.
[18283]:في ت: "أبي" و هو خطأ.
[18284]:المسند (3/75).
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَرَءَا ٱلۡمُجۡرِمُونَ ٱلنَّارَ فَظَنُّوٓاْ أَنَّهُم مُّوَاقِعُوهَا وَلَمۡ يَجِدُواْ عَنۡهَا مَصۡرِفٗا} (53)

{ ورأى المجرمون النار فظنوا } فأيقنوا . { أنهم مُواقعوها } مخالطوها واقعون فيها . { ولم يجدوا عنها مصرفا } انصرافا أو مكانا ينصرفون إليه .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَرَءَا ٱلۡمُجۡرِمُونَ ٱلنَّارَ فَظَنُّوٓاْ أَنَّهُم مُّوَاقِعُوهَا وَلَمۡ يَجِدُواْ عَنۡهَا مَصۡرِفٗا} (53)

ثم أخبر عز وجل عن رؤية المجرمين النار ، ومعاينتهم لها ، ووقوع العلم لهم بأنهم مباشروها ، وأطلق الناس أن الظن هنا بمعنى اليقين ، ولو قال بدل { ظنوا } وأيقنوا لكان الكلام متسقاً ، على مبالغة فيه ، ولكن العبارة بالظن لا تجيء أبداً في موضع يقين تام قد قاله الحسن ، بل أعظم درجاته أن يجيء في موضع علم متحقق ، لكنه لم يقع ذلك المظنون ، وإلا ، فقد يقع ويحسن ، لا يكاد توجد في كلام العرب العبارة عنه بالظن وتأمل هذه الآية ، وتأمل قول دريد :

فقلت لهم ظنوا بألفي مدجج{[1]} . . . وقرأ الأعمش «فظنوا أنهم ملاقوها » ، وكذلك في مصحف ابن مسعود{[2]} ، وحكى أبو عمرو الداني عن علقمة ، أنه قرأ : «ملافوها » بالفاء مشددة من لففت ، وروى أبو سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «إن الكافر ليرى جهنم ويظن أنها مواقعته من مسيرة أربعين سنة »{[3]} و «المصرف » المعدل ، والمرغ ، ومنه قول أبي كبير الهذلي : [ الكامل ]

أزهير هل عن شيبة بن مصرف . . . أم لا خلود لباذل متكلف{[4]}

وهو مأخوذ من الانصراف من شيء إلى شيء .


[1]:- أي فيمن نزلت، أفي المؤمنين جميعا أم في مؤمني أهل الكتاب؟
[2]:- ولم يكن الله ليمتن على رسوله بإيتائه فاتحة الكتاب وهو بمكة، ثم ينزلها بالمدينة، ولا يسعنا القول بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقام بمكة بضع عشرة سنة يصلي بلا فاتحة الكتاب، هذا ما لا تقبله العقول، قاله الواحدي. وقوله تعالى: (ولقد آتيناك...) هو من الآية رقم (87) من سورة الحجر.
[3]:- أخرجه الإمام مالك في الموطأ المشهور بلفظ: (السبع المثاني القرآن العظيم الذي أعطيته) والترمذي وغيرهما، وخرج ذلك أيضا الإمام البخاري وغيره، عن أبي سعيد ابن المعلى في أول كتاب التفسير، وفي أول كتاب الفضائل بلفظ: (السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته). والسبع الطوال هي: البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، والأنفال، فقوله: والسبع الطوال إلخ. رد على من يقول: إنما السبع المثاني.
[4]:- هو أبو هاشم المكي الليثي، وردت الرواية عنه في حروف القرآن، يروي عن أبيه ابن عمر.