أما قوله سبحانه : ( وإذا العشار عطلت ) . . فالعشار هي النوق الحبالى في شهرها العاشر . وهي أجود وأثمن ما يملكه العربي . وهي في حالتها هذه تكون أغلى ما تكون عنده ، لأنها مرجوة الولد واللبن ، قريبة النفع . ففي هذا اليوم الذي تقع فيه هذه الأهوال تهمل هذه العشار وتعطل فلا تصبح لها قيمة ، ولا يهتم بشأنها أحد . . والعربي المخاطب ابتداء بهذه الآية لا يهمل هذه العشار ولا ينفض يده منها إلا في حالة يراها أشد ما يلم به !
وقوله : { وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ } قال عكرمة ، ومجاهد : عشار الإبل . قال مجاهد : { عُطِّلَت } تركت وسُيّبت .
وقال أبي بن كعب ، والضحاك : أهملها أهلها : وقال الربيع بن خُثَيم{[29742]} لم تحلب ولم تُصَرّ ، تخلى منها أربابها .
وقال الضحاك : تركت لا راعي لها .
والمعنى في هذا كله متقارب . والمقصود أن العشار من الإبل - وهي : خيارها والحوامل منها التي قد وَصَلت في حملها إلى الشهر العاشر - واحدها{[29743]} عُشَراء ، ولا يزال ذلك اسمها حتى تضع - قد اشتغل الناس عنها وعن كفالتها والانتفاع بها ، بعد ما كانوا أرغب شيء فيها ، بما دَهَمهم من الأمر العظيم المُفظع الهائل ، وهو أمر القيامة وانعقاد أسبابها ، ووقوع مقدماتها .
وقيل : بل يكون ذلك يوم القيامة ، يراها أصحابها كذلك ولا سبيل لهم إليها . وقد قيل في العشار : إنها السحاب يُعطَّل عن المسير بين السماء والأرض ، لخراب الدنيا . و[ قد ]{[29744]} قيل : إنها الأرض التي تُعشَّر . وقيل : إنها الديار التي كانت تسكن تُعَطَّل لذهاب أهلها . حكى هذه الأقوال كلها الإمام أبو عبد الله القرطبي في كتابه " التذكرة " ، ورجح أنها الإبل ، وعزاه إلى أكثر الناس{[29745]} .
و : { العشار } جمع عشراء وهي الناقة التي قد مر لحملها عشرة أشهر ، وهي أنفس ما عند العرب وتهممهم بها عظيم للرغبة في نسلها ، فإنها تعطل عند أشد الأهوال{[11643]} ، وقرأ مضر عن اليزيدي : «عطِلت » بتخفيف الطاء .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.