تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قُلۡ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدۡ جَآءَكُمُ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكُمۡۖ فَمَنِ ٱهۡتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهۡتَدِي لِنَفۡسِهِۦۖ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيۡهَاۖ وَمَآ أَنَا۠ عَلَيۡكُم بِوَكِيلٖ} (108)

{ 108 - 109 } { قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ * وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ }

أي : { قُلْ } يا أيها الرسول ، لما تبين البرهان { يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ } أي : الخبر الصادق المؤيد بالبراهين ، الذي لا شك فيه بوجه من الوجوه ، وهو واصل إليكم من ربكم الذي من أعظم تربيته لكم ، أن أنزل إليكم هذا القرآن الذي فيه تبيان لكل شيء ، وفيه من أنواع الأحكام والمطالب الإلهية والأخلاق المرضية ، ما فيه أعظم تربية لكم ، وإحسان منه إليكم ، فقد تبين الرشد من الغي ، ولم يبق لأحد شبهة .

{ فَمَنِ اهْتَدَى } بهدى الله بأن علم الحق وتفهمه ، وآثره على غيره فلِنَفْسِهِ والله تعالى غني عن عباده ، وإنما ثمرة أعمالهم راجعة إليهم .

{ وَمَنْ ضَلَّ } عن الهدى بأن أعرض عن العلم بالحق ، أو عن العمل به ، { فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا } ولا يضر الله شيئًا ، فلا يضر إلا نفسه .

{ وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ } فأحفظ أعمالكم وأحاسبكم عليها ، وإنما أنا لكم نذير مبين ، والله عليكم وكيل . فانظروا لأنفسكم ، ما دمتم في مدة الإمهال .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قُلۡ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدۡ جَآءَكُمُ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكُمۡۖ فَمَنِ ٱهۡتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهۡتَدِي لِنَفۡسِهِۦۖ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيۡهَاۖ وَمَآ أَنَا۠ عَلَيۡكُم بِوَكِيلٖ} (108)

ومن ثم يكون الإعلان الأخير للناس :

( قل : يا أيها الناس قد جاءكم الحق من ربكم ، فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ، ومن ضل فإنما يضل عليها ، وما أنا عليكم بوكيل ) .

فهو الإعلان الأخير ، والكلمة الفاصلة ، والمفاصلة الكاملة ، ولكل أن يختار لنفسه . فهذا هو الحق قد جاءهم من ربهم .

( فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ، ومن ضل فإنما يضل عليها ) . .

وليس الرسول موكلا بالناس يسوقهم إلى الهدى سوقاً ، إنما هو مبلغ ، وهم موكولون إلى إرادتهم وإلى اختيارهم وإلى تبعاتهم ، وإلى قدر الله بهم في النهاية .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قُلۡ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدۡ جَآءَكُمُ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكُمۡۖ فَمَنِ ٱهۡتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهۡتَدِي لِنَفۡسِهِۦۖ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيۡهَاۖ وَمَآ أَنَا۠ عَلَيۡكُم بِوَكِيلٖ} (108)

يقول تعالى آمرا لرسوله ، صلوات الله وسلامه عليه ، أن يخبر الناس أن الذي جاءهم به من عند الله هو الحق الذي لا مرية فيه ولا شك ، فمن اهتدى به واتبعه فإنما يعود نفع ذلك الاتباع على نفسه ، [ ومن ضل عنه{[14451]} فإنما يرجع وبال ذلك عليه{[14452]} ]{[14453]} { وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ } أي : وما أنا موكل بكم حتى تكونوا مؤمنين به ، وإنما أنا نذير لكم ، والهداية على الله تعالى .


[14451]:- في ت : "عن ذلك".
[14452]:- في ت : "على نفسه".
[14453]:- زيادة من ت ، أ.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{قُلۡ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدۡ جَآءَكُمُ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكُمۡۖ فَمَنِ ٱهۡتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهۡتَدِي لِنَفۡسِهِۦۖ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيۡهَاۖ وَمَآ أَنَا۠ عَلَيۡكُم بِوَكِيلٖ} (108)

القول في تأويل قوله تعالى : { قُلْ يَأَيّهَا النّاسُ قَدْ جَآءَكُمُ الْحَقّ مِن رّبّكُمْ فَمَنُ اهْتَدَىَ فَإِنّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلّ فَإِنّمَا يَضِلّ عَلَيْهَا وَمَآ أَنَاْ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ } .

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قُلْ يا محمد للناس يا أيّها النّاسُ قَدْ جاءَكُمُ الحَقّ مِنْ رَبّكُمْ يعني : كتاب الله ، فيه بيان كلّ ما بالناس إليه حاجة من أمر دينهم ، فَمَنِ اهْتَدَى يقول : فمن استقام فسلك سبيل الحقّ ، وصدّق بما جاء من عند الله من البيان . فإنّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ يقول : فإنما يستقيم على الهدى ، ويسلك قصد السبيل لنفسه ، فإياها يبغي الخير بفعله ذلك لا غيرها . وَمَنْ ضَلّ يقول : ومن اعوجّ عن الحقّ الذي أتاه من عند الله ، وخالف دينه ، وما بعث به محمدا والكتاب الذي أنزله عليه . فإنّما يَضِلّ عَلَيْها يقول : فإن ضلاله ذلك إنما يجني به على نفسه لا على غيرها لأنه لا يؤخذ بذلك غيرها ولا يورد بضلاله ذلك المهالك سوىَ نفسه . وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى . وَما أنا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ يقول : وما أنا عليكم بمسلط على تقويمكم ، إنما أمركم إلى الله ، وهو الذي يقوّم من شاء منكم ، وإنما أنا رسول مبلغ أبلغكم ما أرسلت به إليكم .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قُلۡ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدۡ جَآءَكُمُ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكُمۡۖ فَمَنِ ٱهۡتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهۡتَدِي لِنَفۡسِهِۦۖ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيۡهَاۖ وَمَآ أَنَا۠ عَلَيۡكُم بِوَكِيلٖ} (108)

{ قل يا أيها الناس قد جاءكم الحق من ربكم } رسوله أو القرآن ولم يبق لكم عذر . { فمن اهتدى } بالأيمان والمتابعة . { فإنما يهتدي لنفسه } لأن نفعه لها . { ومن ضلّ } بالكفر بهما . { فإنما يضل عليها } لأن وبال الضلال عليها . { وما أنا عليكم بوكيل } بحفيظ موكول إلى أمركم ، وإنما أنا بشير ونذير .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قُلۡ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدۡ جَآءَكُمُ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكُمۡۖ فَمَنِ ٱهۡتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهۡتَدِي لِنَفۡسِهِۦۖ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيۡهَاۖ وَمَآ أَنَا۠ عَلَيۡكُم بِوَكِيلٖ} (108)

هذه مخاطبة لجميع الكفار مستمرة مدى الدهر ، { الحق } هو القرآن والشرع الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم{[6240]} ، { فمن اهتدى } ، أي اتبع الحق وتدين به فإنما يسعى لنفسه لأنه يوجب لها رحمة الله ، ويدفع عذابه ، { ومن ضل } أي حاد عن طريق الحق ولم ينظر بعين الحقيقة وكفر بالله عز وجل فيضل ذلك ، وقوله { وما أنا عليكم بوكيل } ، أي لست بآخذكم ولا بد بالإيمان وإنما أنا مبلغ ، وهذه الآية منسوخة بالقتال{[6241]} .


[6240]:- وقيل: الحق هو الرسول صلى الله عليه وسلم.
[6241]:- وذهب بعض العلماء إلى أن الآية محكمة غير منسوخة، وكذلك الآية التي بعدها، وحملوا قوله تعالى: {وما أنا عليكم بوكيل} على أنه ليس بحفيظ على أعمالهم ليجازيهم عليها، بل ذلك لله، وكذلك حملوا قوله: {واصبر} على الصبر على طاعة الله وحمل أثقال النبوة وأداء الرسالة، وعلى هذا لا تعارض بين الآيتين وبين آية السيف. قال أبو حيان في البحر: "وإلى هذا مال المحققون".