تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{قُلۡ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدۡ جَآءَكُمُ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكُمۡۖ فَمَنِ ٱهۡتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهۡتَدِي لِنَفۡسِهِۦۖ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيۡهَاۖ وَمَآ أَنَا۠ عَلَيۡكُم بِوَكِيلٖ} (108)

وقوله تعالى : ( قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ ) قيل : الحق محمد صلى الله عليه وسلم وقيل : الحق والقرآن الذي أنزل عليه .

وأمكن أن يكون الحق هو الذي كان[ في الأصل وم : كانوا ] يدعوهم رسول الله إليه لأنه قال : ( يا أيها الناس إن كنتم في شك من ديني )[ الآية : 104 ] فيشبه أن يكون الحق هو الدين [ حين ][ ساقطة من الأصل وم ] شكوا فيه ؛ أي قد جاءهم ما يزيل عنكم ذلك الشك ، إن لم تكابروا ، لما أقام عليهم الحجج والبراهين .

ويحتمل الحق محمدا صلى الله عليه وسلم على ما ذكر بعض أهل التأويل : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم [ من أول نشوئه إلى آخر عمره ][ في الأصل وم : في أول نشوئه إلى آخره ] ويحتمل الحق [ القرآن ][ ساقطة من الأصل وم ] على ما ذكره بعضهم ، وهو ما ذكر : ( لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ )[ فصلت : 42 ] سماه بأسماء مختلفة ؛ سماه حقا ، وسماه نورا وشفاء ورحمة وهدى ونحوه . وفيه كل ما ذكر ؛ من تأمله ، وتفكر فيه ، تمسك[ في الأصل وم : وتمسك ] به .

وقوله تعالى : ( فَمَنْ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا ) أي من اهتدى فإنما منفعة اهتدائه له في الدنيا والآخرة ، ومن ضل فإنما يرجع ضرر ضلالته إليه ضلالة عليه ؛ أي يأمر ، وينهى ، لا[ من م ، في الأصل : ليس يأمر وينهى ] لمنفعة تحصل له أو لحاجة نفسه ، إنما يأمر ، وينهى لمنفعة الخلق ولحاجتهم .

وقوله تعالى : ( وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ ) أي بمسلط . قال بعض أهل التأويل : هو منسوخ ؛ نسخته آية القتال . لكنه لا يحتمل ، وإن كان مأمورا بالقتال فهو ليس بوكيل ولا مسلط على حفظ أعمالهم . إنما عليه التبليغ كقوله : ( فإنما عليك البلاغ )[ آل عمران : 20 ] وكقوله ( فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم )[ النور : 54 ] وكقوله : ( ما عليك من حسابهم من شيء )الآية : [ الأنعام : 52 ] .