السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{قُلۡ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدۡ جَآءَكُمُ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكُمۡۖ فَمَنِ ٱهۡتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهۡتَدِي لِنَفۡسِهِۦۖ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيۡهَاۖ وَمَآ أَنَا۠ عَلَيۡكُم بِوَكِيلٖ} (108)

ولما قرر تعالى الدلائل المذكورة في التوحيد والنبوّة والمعاد ، وزين أمر هذه السورة بهذه البيانات الدالة على كونه تعالى مبتدئاً بالخلق والإبداع والتكوين والاختراع ختمها بهذه الخاتمة الشريفة العالية لئلا يبقى لأحدٍ عذر بقوله تعالى : { قل } يا محمد { يا أيها الناس } أي : الذين أرسلت إليهم { قد جاءكم الحق من ربكم } هو رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء بالحق من الله تعالى والقرآن فلم يبق لكم عذر { فمن اهتدى } أي : آمن بالنبيّ صلى الله عليه وسلم وعمل بما في الكتاب { فإنما يهتدي لنفسه } لأنه اتبع الحق الثابت وترك الباطل الزائل ، فأنقذ نفسه من النار وأوجب لها الجنة فثواب اهتدائه له { ومن ضلّ } أي : كفر بها أو بشيء منها { فإنما يضل عليها } أي : على نفسه ؛ لأنّ وبال ضلاله عليها ؛ لأنّ من ترك الباقي وتمسك بما ليس في يده منه شيء فقد غر نفسه . ثم قال صلى الله عليه وسلم { وما أنا عليكم بوكيل } أي : حفيظ ، أي : موكول إليّ أمركم وإنما أنا بشير ونذير . قال ابن عباس : وهذه الآية منسوخة بآية السيف .