تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَهَٰذَا كِتَٰبٌ أَنزَلۡنَٰهُ مُبَارَكٞ فَٱتَّبِعُوهُ وَٱتَّقُواْ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ} (155)

{ وَهَذَا } القرآن العظيم ، والذكر الحكيم . { كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ } أي : فيه الخير الكثير والعلم الغزير ، وهو الذي تستمد منه سائر العلوم ، وتستخرج منه البركات ، فما من خير إلا وقد دعا إليه ورغب فيه ، وذكر الحكم والمصالح التي تحث عليه ، وما من شر إلا وقد نهى عنه وحذر منه ، وذكر الأسباب المنفرة عن فعله وعواقبها الوخيمة { فَاتَّبِعُوهُ } فيما يأمر به وينهى ، وابنوا أصول دينكم وفروعه عليه { وَاتَّقُوا } الله تعالى أن تخالفوا له أمرا { لَعَلَّكُمْ } إن اتبعتموه { تُرْحَمُونَ } فأكبر سبب لنيل رحمة الله اتباع هذا الكتاب ، علما وعملا .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَهَٰذَا كِتَٰبٌ أَنزَلۡنَٰهُ مُبَارَكٞ فَٱتَّبِعُوهُ وَٱتَّقُواْ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ} (155)

154

( وهذا كتاب أنزلناه مبارك ، فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون ) . .

وإنه لكتاب مبارك حقاً - كما فسرنا ذلك من قبل عند ورود هذا النص في السورة أول مرة : 6 ذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه ، ولتنذر أم القرى ومن حولها ، والذين يؤمنون بالآخرة يؤمنون به ، وهم على صلاتهم يحافظون . . [ الآية : 92 ] . . وكان ذكر هذا الكتاب هناك بمناسبة الحديث عن العقيدة في مجالها الشامل ؛ وهو هنا يذكر بمناسبة الحديث عن الشريعة بنص مقارب ! ويؤمرون باتباعه ؛ وتناط رحمتهم من الله بهذا الاتباع . والكلام هنا بجملته في معرض الشريعة ، بعد ما تناولته أوائل السورة في معرض العقيدة .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَهَٰذَا كِتَٰبٌ أَنزَلۡنَٰهُ مُبَارَكٞ فَٱتَّبِعُوهُ وَٱتَّقُواْ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ} (155)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَهََذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتّبِعُوهُ وَاتّقُواْ لَعَلّكُمْ تُرْحَمُونَ } .

يعني جلّ ثناؤه بقوله : وَهَذا كِتابٌ أنْزَلْناهُ مُبارَكٌ وهذا القرآن الذي أنزلناه إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم . كتاب أنزلناه مبارك . فاتّبِعُوهُ يقول : فاجعلوه إماما تتبعونه وتعملون بما فيه أيها الناس . وَاتّقُوا يقول : واحذروا الله في أنفسكم أن تضيعوا العمل بما فيه ، وتتعدّوا حدوده ، وتستحلوا محارمه . كما :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وَهَذَا كِتابٌ أنْزَلْناهُ مُبارَكٌ وهو القرآن الذي أنزله الله على محمد عليه الصلاة والسلام . فاتّبِعُوهُ يقول : فاتبعوا حلاله وحرموا حرامه .

وقوله : لَعَلّكُمْ تُرْحَمُونَ يقول : لترحموا فتنّجوا من عذاب الله وأليم عقابه .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَهَٰذَا كِتَٰبٌ أَنزَلۡنَٰهُ مُبَارَكٞ فَٱتَّبِعُوهُ وَٱتَّقُواْ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ} (155)

{ وهذا كتاب } يعني القرآن . { أنزلناه مبارك } كثير النفع . { فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون } بواسطة اتباعه وهو العمل بما فيه .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَهَٰذَا كِتَٰبٌ أَنزَلۡنَٰهُ مُبَارَكٞ فَٱتَّبِعُوهُ وَٱتَّقُواْ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ} (155)

{ هذا } إشارة إلى القرآن ، و { مبارك }{[5160]} وصف بما فيه من التوسعات وإزالة أحكام الجاهلية وتحريماتها وجمع كلمة العرب ووحدة أيدي متبعيه وفتح الله على المؤمنين به ومعناه : ُمَنِّمي خيره ُمَكَّثر ، و «البركة » : الزيادة والنمو ، و { فاتبعوه } دعاء إلى الدين ، { واتقوا } الأظهر فيه أنه أمر بالتقوى العامة في جميع الأشياء بقرينة قوله { لعلكم ترحمون } .


[5160]:- قال أبو حيان في "البحر": "[أنزلناه] و[مبارك] صفتان ل [كتاب]، وكان الوصف بالإنزال آكد من الوصف بالبركة فقدم، لأن الكلام مع من ينكر رسالة الرسول صلى الله عليه وسلم وينكر إنزال الكتب الإلهية وكونه مباركا عليهم هو وصف حاصل لهم منه متراخ عن الإنزال، فلذلك تأخر الوصف بالبركة وتقدم الوصف بالإنزال، وكان الوصف بالفعل المسند إلى نون العظمة [أنزلنا] أولى من الوصف بالاسم [مبارك] لما يدل عليه الإسناد إلى الله تبارك وتعالى من التعظيم والتشريف، وليس ذلك في الاسم لو كان التركيب (منزل) أو (منزل منّا) (البحر 4/ 256).
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَهَٰذَا كِتَٰبٌ أَنزَلۡنَٰهُ مُبَارَكٞ فَٱتَّبِعُوهُ وَٱتَّقُواْ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ} (155)

جملة : { وهذا كتاب أنزلته مبارك } عطف على جملة : { ثمّ آتينا موسى الكتاب } [ الأنعام : 154 ] . والمعنى : آتينا موسى الكتاب وأنزلنا هذا الكتاب كما تقدّم عند قوله تعالى : { ثم آتينا موسى الكتاب } [ الأنعام : 154 ] الخ . . .

وافتتاح الجملة باسم الإشارة ، وبناءُ الفعل عليه ، وجعل الكتاب الذي حقّه أن يكون مفعولَ : { أنزلناه } مبتدأ ، كلّ ذلك للاهتمام بالكتاب والتّنويه به ، وقد تقدّم نظيره : { وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه } في هذه السّورة ( 92 ) .

وتفريع الأمر باتباعه على كونه منزلاً من الله ، وكونه مباركاً ، ظاهر : لأنّ ما كان كذلك لا يتردّدُ أحد في اتّباعه .

والاتِّباع أطلق على العمل بما فيه على سبيل المجاز . وقد مضى الكلام فيه عند قوله تعالى : { إن أتبع إلا ما يوحى إليّ } [ الأنعام : 50 ] ، وقوله : { اتبع ما أوحي إليك من ربك } في هذه السّورة ( 106 ) .

والخطاب في قوله : { فاتبعوه } للمشركين ، بقرينة قوله : { أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا } .

وجملة : { أنزلناه } في محلّ الصّفة ل { كتاب } ، و ( مبارك ) صفة ثانية ، وهما المقصد من الإخبار ، لأنّ كونه كتاباً لا مِرْيَة فيه ، وإنَّما امْتروا في كونه منزّلاً من عند الله ، وفي كونه مباركاً . وحسن عطف : { مبارك } على : { أنزلناه } لأنّ اسم المفعول لاشتقاقه هو في قوّة الفعل . ومعنى : { اتَّقُوا } كونوا متَّصفين بالتَّقوى وهي الأخذ بدين الحقّ والعملُ به . وفي قوله : { لعلكم ترحمون } وعد على اتّباعه وتعريض بالوعيد بعذاب الدّنيا والآخرة إن لم يتَّبعوه .