محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَهَٰذَا كِتَٰبٌ أَنزَلۡنَٰهُ مُبَارَكٞ فَٱتَّبِعُوهُ وَٱتَّقُواْ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ} (155)

ثم أشار إلى أن التوراة ، وإن كانت تماما على النهج الأحسن ، فالقرآن أتم منه وأزيد حسنا . فهو أولى بالمتابعة ، فقال :

/ [ 155 ] { وهذا كتاب أنزلنه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون ( 155 ) } .

{ وهذا } أي : القرآن { كتاب أنزلناه مبارك } أكثر نفعا من التوراة دينا ودنيا { فاتبعوه } أي : اعملوا بما فيه من الأوامر والنواهي والأحكام { واتقوا } يعني مخافته واتباع غيره لكونه منسوخا به { لعلكم ترحمون } أي : لترحموا بواسطة اتباعه ، وهو العمل بما فيه . وفيه إشارة إلى أنه لا رحمة بمتابعة المنسوخ وإن آمن صاحبها بلقاء ربه .

قال بعض الزيدية : وفي قوله تعالى : { فاتبعوه } دلالة على وجوب تعلم القرآن ليمكن الاتباع له لكن هو كسائر العلوم فرض كفاية إلا ما يتعين على كل مكلف ، كتعلم ما لا تصح الصلاة إلا به ، فإنه يجب عليه . انتهى .

لطيفة :

قال ابن كثير : إنه تعالى كثيرا ما يقرن بين الكتابين كقوله : { ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة وهذا كتاب مصدق لسانا عربيا }{[3777]} ، وقوله أول السورة : { قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى }{[3778]} ، ثم قال : { وهذا كتاب أنزلناه مبارك . . } الآية{[3779]} ، / وقوله تعالى مخبرا عن المشركين : { فلما جاءهم الحق من عندنا قالوا لولا أوتي مثل ما أوتي موسى }{[3780]} . وقوله تعالى مخبرا عن الجن أنهم قالوا : { يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه . . . } الآية{[3781]} .


[3777]:- [11/ هود/ 17] ونصها: {أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة أولئك يؤمنون به ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده فلا تك في مرية منه إنه الحق من ربك ولكن أكثر الناس لا يؤمنون (17)}
[3778]:- [6/ الأنعام/ 91] ونصها: {وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا وعلمتم ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون (91)}
[3779]:- [6/ الأنعام/ 92] ونصها: {وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه ولتنذر أم القرى ومن حولها والذين يؤمنون بالآخرة يؤمنون به وهم على صلاتهم يحافظون (92)}.
[3780]:- [28/ القصص/ 48] {... أولم يكفروا بما أوتي موسى من قبل قالوا سحران تظهرا وقالوا إنا بكل كافرون (48)}.
[3781]:- [46/ الأحقاف/ 30] {... يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم (30)}.