الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَهَٰذَا كِتَٰبٌ أَنزَلۡنَٰهُ مُبَارَكٞ فَٱتَّبِعُوهُ وَٱتَّقُواْ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ} (155)

قوله تعالى : { وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ } : يجوز أن يكون كتاب وأنزلناه ومبارك إخباراً عن اسم الإِشارة عند مَنْ يُجيز تعدُّدَ الخبر مطلقاً ، أو بالتأويل عند مَنْ لم يُجَوِّز ذلك . ويجوز أن يكون أنزلناه ومبارك وَصْفَيْن لكتاب عند مَنْ يجيز تقديمَ الوصف غير الصريح على الوصف الصريح . وقد تقدَّم تحقيق ذلك في السورة قبلها في قوله { بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ } بالمائدة : 54 ] ، قال أبو البقاء : " ولو كان قُرِئ " مباركاً " بالنصب على الحال لجاز " ولا حاجة إلى مثل هذا وقُدِّم الوصف بالإِنزال لأن الكلام مع منكري أن الله ينزِّل على البشر كتاباً ويرسله رسولاً ، وأمَّا وصفُه بالبركة فهو أمر متراخٍ عنهم ، وجيء بصفة الإِنزال بجملةٍ فعلية أُسند الفعل فيها إلى ضمير المعظِّمِ نفسه مبالغة في ذلك بخلاف ما لو جيء بها اسماً مفرداً .