تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَهَٰذَا كِتَٰبٌ أَنزَلۡنَٰهُ مُبَارَكٞ فَٱتَّبِعُوهُ وَٱتَّقُواْ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ} (155)

الآية 155 وقوله تعالى : { وهذا كتاب أنزلناه } يعني القرآن { أنزلناه مبارك } قال أبو بكر الكيساني : البركة هي التي من تمسك بها أوصلته إلى كل خير ، وعصمته من كل شر . وهو المبارك لمن أخذه ، واتبعه ، وعمل به ، فهو مبارك له . سمي هذا القرآن مباركا لما يبارك فيه لمن اتبعه ؛ هو مبارك لمتبعه والعامل به ، ومن{[7959]} لم يتبعه فليس هو بمبارك له ، بل هو عليه شدة ورجس كقوله تعالى : { وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون } { وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم } [ التوبة : 124 و 125 ] فهو ما ذكرنا مبارك لمن اتبعه ، وتمسك به .

وسمي مجيدا وكريما لمن اتبعه يصير مجيدا كريما ، وكذلك سمي روحا وحياة لما يحيى به من اتبعه .

وأصل البركة هو أن ينتفع بشيء على غير تبعة ، فهو البركة . وعلى ذلك يخرج قول الناس بعضهم لبعض : بارك الله لك في كذا ؛ أي جعل لك فيه منافع ، لا تبعة عليك . فعلى هذا يجيء أن يكون القرآن مباركا بكسر الراء . لكن قيل : مبارك لانتفاع الناس به .

والبركة تحتمل وجهين :

أحدهما : اسم لكل خير يكون أبدا على النماء والزيادة .

والثاني : اسم لكل منفعة ، لا تبعة عليه ، ولا مؤنة ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { فاتبعوا واتقوا لعلكم ترحمون } أي اتبعوا إشاراته ، واتقوا نواهيه ومحارمه ، ترحموا{[7960]} .


[7959]:- في الأصل وم: وإلا من.
[7960]:- في الأصل وم: رحم.