فلم يمتثلوا هذا الأمر الإلهي ، بل فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ أي : عصوا اللّه واستهانوا بأمره قَوْلا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فقالوا بدل طلب المغفرة ، وقولهم : حِطَّة ( حبة في شعيرة ) ، وإذا بدلوا القول - مع يسره وسهولته - فتبديلهم للفعل من باب أولى ، ولهذا دخلوا وهم يزحفون على أستاههم .
فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ حين خالفوا أمر اللّه وعصوه رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ أي : عذابا شديدا ، إما الطاعون وإما غيره من العقوبات السماوية .
وما ظلمهم اللّه بعقابه وإنما كان ذلك بِمَا كَانُوا يَظْلِمُونَ أي : يخرجون من طاعة الله إلى معصيته ، من غير ضرورة ألجأتهم ولا داع دعاهم سوى الخبث والشر الذي كان كامنا في نفوسهم .
فإذا فريق منهم يبدلون صيغة الدعاء التي أمروا بها ، ويبدلون الهيئة التي كلفوا أن يدخلوا عليها . . لماذا ؟ تلبية للانحراف الذي يلوي نفوسهم عن الاستقامة :
( فبدل الذين ظلموا منهم قولاً غير الذي قيل لهم ) . .
عندئذ يرسل الله عليهم من السماء عذاباً . . السماء التي تنزل عليهم منها المن والسلوى وظللهم فيها الغمام ! . .
( فأرسلنا عليهم رجزاً من السماء بما كانوا يظلمون ) . .
وهكذا كان ظلم فريق منهم - أي كفرهم - ظلماً لأنفسهم بما أصابهم من عذاب الله . .
ولا يفصل القرآن نوع العذاب الذي أصابهم في هذه المرة . لأن غرض القصة يتم بدون تعيينه . فالغرض هو بيان عاقبة المعصية عن أمر الله ، وتحقيق النذر ، ووقوع الجزاء العادل الذي لا يفلت منه العصاة .
القول في تأويل قوله تعالى : { فَبَدّلَ الّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ قَوْلاً غَيْرَ الّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزاً مّنَ السّمَآءِ بِمَا كَانُواْ يَظْلِمُونَ } .
يقول تعالى ذكره : فغير الذين كفروا بالله منهم ما أمرهم الله به من القول ، فقالوا : وقد قيل لهم قولوا هذه حطة : حنطة في شعيرة وقولهم ذلك كذلك هو غير القول الذي قيل لهم قولوه . يقول الله تعالى : فَأرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِجْزا مِنَ السّماءِ : بعثنا عليهم عذابا أهلكناهم بما كانوا يغيّرون ما يُؤمرون به ، فيفعلون خلاف ما أمرهم الله بفعله ويقولون غير الذي أمرهم الله بقيله . وقد بيّنا معنى الرجز فيما مضى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.