البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{فَبَدَّلَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنۡهُمۡ قَوۡلًا غَيۡرَ ٱلَّذِي قِيلَ لَهُمۡ فَأَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِمۡ رِجۡزٗا مِّنَ ٱلسَّمَآءِ بِمَا كَانُواْ يَظۡلِمُونَ} (162)

وأرسلنا وأنزلنا و { يظلمون } ويفسقون من واد واحد ، وقرأ الحسن : { حطة } بالنصب على المصدر أي حطّة ذنوبنا حطة ويجوز أن ينتصب بقولوا : على حذف التقدير { وقولوا } قولاً { حطّة } أي ذا { حطة } فحذف ذا وصار { حطّة } وصفاً للمصدر المحذوف كما تقول : قلت حسناً وقلت حقّاً أي قولاً حسنا وقولاً حقًّا ، وقرأ الكوفيون وابن كثير والحسن والأعمش { نغفر } بالنون { لكم خطيئاتكم } جمع سلامة إلا أن الحسن خفّف الهمزة وأدغم الياء فيها ، وقرأ أبو عمرو { نغفر } بالنون لكم خطاياكم على وزن قضاياكم ، وقرأ نافع ومحبوب عن أبي عمرو تغفر بالتاء مبنيًّا للمفعول { لكم خطيئاتكم } جمع سلامة ، وقرأ ابن عامر تغفر بتاء مضمومة مبنيًّا للمفعول لكم خطيئتكم على التوحيد مهموزاً .

وقرأ ابن هرمز تغفر بتاء مفتوحة على معنى أنّ الحطّة تغفر إذ هي سبب الغفران ، قال ابن عطية : { وبدل } غير اللفظ دون أن يذهب بجميعه وأبدل إذا ذهب به وجاء بلفظ آخر انتهى ، وهذه التفرقة ليست بشيء وقد جاء في القراءات بدل وأبدل بمعنى واحد قرىء : { فأردنا أن يبدلهما ربهما خيراً منه زكاة } و { عسى ربه إن طلقكنّ أن يبدّله أزواجاً } { عسى ربنا أن يبدلنا خيراً منها } بالتخفيف والتشديد والمعنى واحد وهو إذهاب الشيء والإتيان بغيره بدلاً منه ثم التشديد قد جاء حيث يذهب الشيء كله قال تعالى : { فأولئك يبدّل الله سيئاتهم حسنات } و { بدلناهم بجنتيهم جنتين } ثم { بدلنا مكان السيئة الحسنة } وعلى هذا كلام العرب نثرها ونظمها .