اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{فَبَدَّلَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنۡهُمۡ قَوۡلًا غَيۡرَ ٱلَّذِي قِيلَ لَهُمۡ فَأَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِمۡ رِجۡزٗا مِّنَ ٱلسَّمَآءِ بِمَا كَانُواْ يَظۡلِمُونَ} (162)

وأما قوله هناك " فأنَزلْنَا " ، وههُنَا " فأرْسَلْنَا " فلأنَّ الإنزالَ لا يشعر بالكَثْرَةِ ، والإرسَال يشعر بها ، فكأنَّهُ تعالى بدأ بإنزال العذابِ القليل ، ثمَّ جعله كثيراً ، وهو نظيرُ الفرقِ بين قوله { فانبجست } [ الأعراف : 160 ] وقوله { فانفجرت } [ البقرة : 60 ] .

وأمَّا قوله هناك { عَلَى الذين ظَلَمُواْ } [ البقرة : 59 ] ، وههُنَا " عَلَيْهِمْ " فهو إيذان بأنَّ هؤلاء المضمرون هم أولئك ، وأمَّا قوله هَهُنَا " يَظْلمُونَ " وهناك " يَفْسُقُونَ " فلأنهم موصوفون بأنهم كانوا ظالمينَ لأنَّهم ظلموا أنفسهم ، وبكونهم فاسقين ، لأنَّهُمْ خَرَجُوا عن طاعةِ اللَّهِ .

قوله : { نَّغْفِرْ لَكُمْ خطيئاتكم } قد تقدَّم الخلافُ في " نَغْفِر " وأمَّا " خَطِيئَاتِكُمْ " فقرأها ابن عامر{[16905]} " خَطِيئَتُكُم " بالتَّوحيد ، والرَّفع على ما لم يُسَمَّ فاعله ، والفرض أنه يقرأ " تغفرْ " بالتَّاء من فوق . ونافع قرأ " خَطِيئَاتِكُم " بجمع السَّلامة ، رفعاً على ما لم يُسَمَّ فاعلُه ؛ لأنَّهُ يقرأ " تُغْفرُ لكم " كقراءة ابن عامر .

وأبو عمرو قرأ " خَطَايَاكُم " جمع تكسير ، ويَقْرأ " نَغْفِرْ {[16906]} " بنون العظمة . والباقون " نَغْفِرْ " كأبي عمرو ، " خَطِيئَاتِكُمْ " بجمع السَّلامة منصوباً بالكسرة على القاعدة . وفي سورة نوح قرأ أبو عمرو " خطاياهم " بالتكسير أيضاً ، والباقون بجمع التصحيح .

وقرأ ابنُ{[16907]} هرمز " تُغْفَرْ " بتاءٍ مضمومة مبيناً للمفعول ، كنافع ، " خَطَايَاكُم " كأبي عمرو ، وعنه " يَغْفِرْ " بياء الغيبة ، وعنه " تَغْفِر " بفتح التَّاءِ من فوق ، على معنى أنَّ " الحِطَّة " سببٌ للغفران ، فنسب الغفران إليها .


[16905]:ينظر في هذه القراءة : السبعة 296، والحجة 4/94-95، وإعراب القراءات 1/210، وحجة القراءات 298-300، وإتحاف 2/65-66.
[16906]:ينظر: السابق.
[16907]:ينظر: المحرر الوجيز 2/467، والدر المصون 3/359.