تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قَالَ أَنَا۠ خَيۡرٞ مِّنۡهُ خَلَقۡتَنِي مِن نَّارٖ وَخَلَقۡتَهُۥ مِن طِينٖ} (76)

{ قَالَ } إبليس معارضا لربه ومناقضا : { أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ } وبزعمه أن عنصر النار خير من عنصر الطين ، وهذا من القياس الفاسد ، فإن عنصر النار مادة الشر والفساد ، والعلو والطيش والخفة وعنصر الطين مادة الرزانة والتواضع وإخراج أنواع الأشجار والنباتات وهو يغلب النار ويطفئها ، والنار تحتاج إلى مادة تقوم بها ، والطين قائم بنفسه ، فهذا قياس شيخ القوم ، الذي عارض به الأمر الشفاهي من اللّه ، قد تبين غاية بطلانه وفساده ، فما بالك بأقيسة التلاميذ الذين عارضوا الحق بأقيستهم ؟ فإنها كلها أعظم بطلانا وفسادا من هذا القياس .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{قَالَ أَنَا۠ خَيۡرٞ مِّنۡهُ خَلَقۡتَنِي مِن نَّارٖ وَخَلَقۡتَهُۥ مِن طِينٖ} (76)

يقول جلّ ثناؤه : قال إبليس لربه : فعلت ذلك فلم أسجد للذي أمرتني بالسجود له لأني خير منه وكنت خيرا لأنك خلقتني من نار وخلقته من طين ، والنار تأكل الطين وتُحرقه ، فالنار خير منه ، يقول : لم أفعل ذلك استكبارا عليك ، ولا لأني كنت من العالين ، ولكني فعلته من أجل أني أشرف منه وهذا تقريع من الله للمشركين الذين كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم ، وأبَوا الانقياد له ، واتباع ما جاءهم به من عند الله استكبارا عن أن يكونوا تبعا لرجل منهم حين قالُوا : أأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذّكْرُ مِنْ بَيْنِنا وهَلْ هَذَا إلاّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ فقصّ عليهم تعالى ذكره قصة إبليس وإهلاكه باستكباره عن السجود لاَدم بدعواه أنه خير منه ، من أجل أنه خلق من نار ، وخلق آدم من طين ، حتى صار شيطانا رجيما ، وحقت عليه من الله لعنته ، محذّرهم بذلك أن يستحقوا باستكبارهم على محمد ، وتكذيبهم إياه فيما جاءهم به من عند الله حسدا ، وتعظما من اللعن والسخط ما استحقه إبليس بتكبره عن السجود لاَدم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قَالَ أَنَا۠ خَيۡرٞ مِّنۡهُ خَلَقۡتَنِي مِن نَّارٖ وَخَلَقۡتَهُۥ مِن طِينٖ} (76)

قول إبليس : { أنا خير منه } قياس أخطأ فيه ، وذلك أنه لما توهم أن النار أفضل من الطين ، قاس أن ما يخلق من الأفضل فهو أفضل من الذي يخلق من المفضول ، ولم يدر أن الفضائل تخصيصات من الله تعالى يسم بها من شاء ، وفي قوله رد على حكمة الله تعالى وتجويز . وذلك بين في قوله : { أرأيتك هذا الذي كرمت علي } [ الإسراء : 62 ] ثم قال : { أنا خير منه } ، وعند هذه المقالة اقترن كفر إبليس به إما عناداً على قول من يجيزه ، وإما بأن سلب المعرفة ، وظاهر أمره أنه كفر عناداً ، لأن الله تعالى قد حكم عليه بأنه كافر ، ونحن نجده خلال القصة يقول : يا رب بعزتك وإلى يوم يبعثون ، فهذا كله يقتضي المعرفة ، وإن كان للتأويل فيه مزاحم فتأمله .