فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{قَالَ أَنَا۠ خَيۡرٞ مِّنۡهُ خَلَقۡتَنِي مِن نَّارٖ وَخَلَقۡتَهُۥ مِن طِينٖ} (76)

وجملة : { قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مّنْهُ } مستأنفة جواب سؤال مقدّر ، ادّعى اللعين لنفسه : أنه خير من آدم ، وفي ضمن كلامه هذا : أن سجود الفاضل للمفضول لا يحسن . ثم علل ما ادّعاه من كونه خيراً منه بقوله : { خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ } ، وفي زعمه أن عنصر النار أشرف من عنصر الطين ، وذهب عنه أن النار إنما هي بمنزلة الخادم لعنصر الطين إن احتيج إليها استدعيت كما يستدعى الخادم ، وإن استغنى عنها طردت ، وأيضاً فالطين يستولي على النار ، فيطفئها ، وأيضاً فهي لا توجد إلا بما أصله من عنصر الأرض ، وعلى كل حال ، فقد شرّف آدم بشرف ، وكرّم بكرامة لا يوازيها شيء من شرف العناصر ، وذلك أن الله خلقه بيديه ، ونفخ فيه من روحه ، والجواهر في أنفسها متجانسة ، وإنما تشرف بعارض من عوارضها .

/خ88