تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قُلۡ هُوَ ٱلَّذِيٓ أَنشَأَكُمۡ وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡأَبۡصَٰرَ وَٱلۡأَفۡـِٔدَةَۚ قَلِيلٗا مَّا تَشۡكُرُونَ} (23)

{ 23 - 26 } { قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ * قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ * وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ }

يقول تعالى - مبينًا أنه المعبود وحده ، وداعيًا عباده إلى شكره ، وإفراده بالعبادة- : { قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ } أي : أوجدكم من العدم ، من غير معاون له ولا مظاهر ، ولما أنشأكم ، كمل لكم الوجود بالسمع والأبصار والأفئدة ، التي هي أنفع أعضاء البدن{[1181]}  وأكمل القوى الجسمانية ، ولكنه{[1182]}  مع هذا الإنعام { قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ } الله ، قليل منكم الشاكر ، وقليل منكم الشكر .


[1181]:- في ب: وهذه الثلاثة هي أفضل أعضاء البدن.
[1182]:- في ب: ولكنكم.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{قُلۡ هُوَ ٱلَّذِيٓ أَنشَأَكُمۡ وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡأَبۡصَٰرَ وَٱلۡأَفۡـِٔدَةَۚ قَلِيلٗا مَّا تَشۡكُرُونَ} (23)

القول في تأويل قوله تعالى : { قُلْ هُوَ الّذِيَ أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السّمْعَ وَالأبْصَارَ وَالأفْئِدَةَ قَلِيلاً مّا تَشْكُرُونَ } .

يقول تعالى ذكره : قل يا محمد للذين يكذّبون بالبعث من المشركين . الله الذي أنشأكم فخلقكم ، وَجَعَلَ لَكُمُ السّمْعَ تسمعون به ، والأبْصَارَ تبصرون بها ، والأفْئِدَةَ تعقلون بها ، قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ ، يقول : قليلاً ما تشكرون ربكم على هذه النعم التي أنعمها عليكم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قُلۡ هُوَ ٱلَّذِيٓ أَنشَأَكُمۡ وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡأَبۡصَٰرَ وَٱلۡأَفۡـِٔدَةَۚ قَلِيلٗا مَّا تَشۡكُرُونَ} (23)

وقرأ طلحة : «أمَن يمشي » بتخفيف الميم ، وإفراد { السمع } لأنه اسم جنس يقع للكثير و { قليلاً } نصب بفعل مضمر ، و { ما } : مصدرية ، وهي في موضع رفع ، وقوله : { قليلاً ما تشكرون } يقتضي ظاهره أنهم يشكرون قليلاً ، فهذا إما أن يريد به ما عسى أن يكون للكافر من شكر ، وهو قليل غير نافع ، وإما أن يريد جملة ، فعبر بالقلة ، كما تقول العرب : هذه أرض قل ما تنبت كذا ، وهي لا تنبته بتة ، ومن شكر رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذه النعمة أنه كان يقول في سجوده : «سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره »{[11223]} .


[11223]:أخرجه مسلم في المسافرين وفي السجود، والترمذي في الجمعة والدعوات، والنسائي في التطبيق، وابن ماجه في الإقامة، وأحمد في مواضع مختلفة من مسنده، ولفظه كما جاء فيه (1/94،95) عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا كبر استفتح ثم قال: (وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا مسلما وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين- قال أبو النضر: وأنا أول المسلمين- اللهم لا إله إلا أنت، أنت ربي وأنا عبدك، ظلمت نفسي واعترفت بذنبي فاغفر لي ذنوبي جميعا، لا يغفر الذنوب إلا أنت، واهدني لأحسن الأخلاق، لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها، لا يصرف عني سيئها إلا أنت، تباركت وتعاليت أستغفرك وأتوب إليك). وكان إذا ركع قال: (اللهم لك ركعت، وبك آمنت ، ولك أسلمت، خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظامي وعصبي)، وإذا رفع رأسه من الركعة قال: (سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد ملء السموات والأرض وما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد)، وإذا سجد قال: (اللهم لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت سجد وجهي للذي خلقه فصوره فأحسن صوره فشق سمه وبصره، تبارك الله أحسن الخالقين)، فإذا سلم من الصلاة قال: (اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت).