فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{قُلۡ هُوَ ٱلَّذِيٓ أَنشَأَكُمۡ وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡأَبۡصَٰرَ وَٱلۡأَفۡـِٔدَةَۚ قَلِيلٗا مَّا تَشۡكُرُونَ} (23)

{ قُلْ هُوَ الذي أَنشَأَكُمْ } أمر سبحانه رسوله أن يخبرهم بأن الله هو الذي أنشأهم النشأة الأولى { وَجَعَلَ } لهم { السمع } ليسمعوا به { والأبصار } ليبصروا بها ، ووجه إفراد السمع مع جمع الأبصار أنه مصدر يطلق على القليل والكثير ، وقد قدّمنا بيان هذا في مواضع مع زيادة في البيان { والأفئدة } القلوب التي يتفكرون بها في مخلوقات الله ، فذكر سبحانه هاهنا أنه قد جعل لهم ما يدركون به المسموعات والمبصرات والمعقولات إيضاحاً للحجة وقطعاً للمعذرة ، وذماً لهم على عدم شكر نعم الله ، ولهذا قال : { قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ } وانتصاب قليلاً على أنه نعت مصدر محذوف ، و«ما » مزيدة للتأكيد : أي شكراً قليلاً أو زماناً قليلاً ، وقيل : أراد بقلة الشكر عدم وجوده منهم . قال مقاتل : يعني أنكم لا تشكرون رب هذه النعم فتوحدونه .

/خ30