تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قَالَ ٱلۡمَلَأُ مِن قَوۡمِهِۦٓ إِنَّا لَنَرَىٰكَ فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ} (60)

{ قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ } أي : الرؤساء الأغنياء المتبوعون الذين قد جرت العادة باستكبارهم على الحق ، وعدم انقيادهم للرسل ، { إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ } فلم يكفهم - قبحهم اللّه - أنهم لم ينقادوا له ، بل استكبروا عن الانقياد له ، وقدحوا فيه أعظم قدح ، ونسبوه إلى الضلال ، ولم يكتفوا بمجرد الضلال حتى جعلوه ضلالا مبينا واضحا لكل أحد .

وهذا من أعظم أنواع المكابرة ، التي لا تروج على أضعف الناس عقلا ، وإنما هذا الوصف منطبق على قوم نوح ، الذين جاءوا إلى أصنام قد صوروها ونحتوها بأيديهم ، من الجمادات التي لا تسمع ولا تبصر ، ولا تغني عنهم شيئا ، فنزلوها منزلة فاطر السماوات ، وصرفوا لها ما أمكنهم من أنواع القربات ، فلولا أن لهم أذهانا تقوم بها حجة اللّه عليهم لحكم عليهم بأن المجانين أهدى منهم ، بل هم أهدى منهم وأعقل ، فرد نوح عليهم ردا لطيفا ، وترقق لهم لعلهم ينقادون له فقال

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{قَالَ ٱلۡمَلَأُ مِن قَوۡمِهِۦٓ إِنَّا لَنَرَىٰكَ فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ} (60)

القول في تأويل قوله تعالى : { قَالَ الْمَلاُ مِن قَوْمِهِ إِنّا لَنَرَاكَ فِي ضَلاَلٍ مّبِينٍ } .

وهذا خبر من الله جلّ ثناؤه عن جواب مشركي قوم نوح لنوح ، وهم الملأ والملأ : الجماعة من الرجال لا امرأة فيهم أنهم قالوا له حين دعاهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له : إنّا لَنَرَاكَ يا نوح فِي ضَلالٍ مُبِينٍ يعنون : في أمر زائل عن الحقّ ، مبين زواله عن قصد الحدّ لمن تأمّله .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قَالَ ٱلۡمَلَأُ مِن قَوۡمِهِۦٓ إِنَّا لَنَرَىٰكَ فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ} (60)

و { الملأ } الجماعة الشريفة ، قال الطبري : لا امرأة فيهم ، وحكاه النقاش عن ثعلب في الملأ والرهط والنفر والقوم ، وقيل هم مأخوذون من أنهم يملؤون النفس والعين ، ويحتمل أن يكون من أنهم إذا تمالؤوا على أمر تم ، وقال سلمة بن سلامة بن وقش الأنصاري عند قفول رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة بدر إنما قتلنا عجائز صلعاً ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : «أولئك الملأ من قريش لو حضرت أفعالهم لاحتقرت فعلك » والملأ صفة غالبة وجمعه أملاء وليس من باب رهط وإن كانا اسمين للجمع لأن رهط لا واحد له من لفظه ، و «ملأ » يوجد من لفظه مالىء قال أحمد بن يحيى : المالىء الرجل الجليل الذي يملأ العين بجهرته فيجيء كعازب وخادم ورائح فإن أسماء جموعها عرب وخدم وروح ، وإن كان اللفظة من تمالأ القوم على كذا فهي مفارقة باب رهط ومنه قول علي رضي الله عنه : ما قتلت عثمان ولا مالأت في دمه ، وقال ابن عباس «الملؤ » بواو وكذلك هي في مصاحف الشام ، وقولهم لنراك يحتمل أن يجعل من رؤية البصر ، ويحتمل من رؤية القلب وهو الأظهر و { في ضلال } أي في إتلاف وجهالة بما نسلك .