تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يُبَشِّرُهُمۡ رَبُّهُم بِرَحۡمَةٖ مِّنۡهُ وَرِضۡوَٰنٖ وَجَنَّـٰتٖ لَّهُمۡ فِيهَا نَعِيمٞ مُّقِيمٌ} (21)

{ يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ } جودا منه ، وكرما وبرا بهم ، واعتناء ومحبة لهم ، { بِرَحْمَةٍ مِنْهُ } أزال بها عنهم الشرور ، وأوصل إليهم [ بها ] كل خير . { وَرِضْوَانٍ } منه تعالى عليهم ، الذي هو أكبر نعيم الجنة وأجله ، فيحل عليهم رضوانه ، فلا يسخط عليهم أبدا .

{ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ } من كل ما اشتهته الأنفس ، وتلذ الأعين ، مما لا يعلم وصفه ومقداره إلا اللّه تعالى ، الذي منه أن اللّه أعد للمجاهدين في سبيله مائة درجة ، ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض ، ولو اجتمع الخلق في درجة واحدة منها لوسعتهم .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{يُبَشِّرُهُمۡ رَبُّهُم بِرَحۡمَةٖ مِّنۡهُ وَرِضۡوَٰنٖ وَجَنَّـٰتٖ لَّهُمۡ فِيهَا نَعِيمٞ مُّقِيمٌ} (21)

القول في تأويل قوله تعالى : { يُبَشّرُهُمْ رَبّهُم بِرَحْمَةٍ مّنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنّاتٍ لّهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مّقِيمٌ } .

يقول تعالى ذكره : يبشر هؤلاء الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله ربهم برحمة منه لهم أنه قد رحمهم من أن يعذبهم وبرضوان منه لهم ، بأنه قد رضي عنهم بطاعتهم إياه وأدائهم ما كلفهم . وجَنّاتٍ يقول : وبساتين لهم فيها نعيم مقيم لا يزول ولا يبيد ، ثابت دائم أبدا لهم .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا أبو أحمد الموسوي ، قال : حدثنا سفيان ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله ، قال : «إذا دخل أهل الجنة الجنة ، قال الله سبحانه : أعطيكم أفضل من هذا ، فيقولون : ربنا أيّ شيء أفضل من هذا ؟ قال : رضواني » .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{يُبَشِّرُهُمۡ رَبُّهُم بِرَحۡمَةٖ مِّنۡهُ وَرِضۡوَٰنٖ وَجَنَّـٰتٖ لَّهُمۡ فِيهَا نَعِيمٞ مُّقِيمٌ} (21)

{ يبشرّهم ربهم برحمة منه ورضوان وجنات لهم فيها } في الجنات . { نعيم مقيم } دائم ، وقرأ حمزة { يبشرهم } بالتخفيف ، وتنكير المبشر به إشعار بأنه وراء التعيين والتعريف .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{يُبَشِّرُهُمۡ رَبُّهُم بِرَحۡمَةٖ مِّنۡهُ وَرِضۡوَٰنٖ وَجَنَّـٰتٖ لَّهُمۡ فِيهَا نَعِيمٞ مُّقِيمٌ} (21)

بيان للدرجة العظيمة التي في قوله : { أعظم درجة عند الله } [ التوبة : 20 ] فتلك الدرجة هي عناية الله تعالى بهم بإدخال المسرّة عليهم ، وتحقيق فوزهم ، وتعريفهم برضوانه عليهم ، ورحمته بهم ، وبما أعد لهم من النعيم الدائم . ومجموع هذه الأمور لم يمنحه غيرهم من أهل السقاية والعمارة ، الذين وإن صلحوا لأن ينالوا بعض هذه المزايا فهم لم ينالوا جميعها .

والتبشير : الإخبار بخير يحصل للمخبَر لم يكن عالماً به .

فإسناد التبشير إلى اسم الجلالة بصيغة المضارع ، المفيد للتجدّد ، مؤذن بتعاقب الخيرات عليهم ، وتجدّد إدخال السرور بذلك لهم ، لأنّ تجدّد التبشير يؤذن بأن المبشّر به شيء لم يكن معلوماً للمبشَّر ( بفتح الشين ) وإلاّ لكان الإخبار به تحصيلاً للحاصل .

وكون المسند إليه لفظ الربّ ، دون غيره ممّا يدلّ على الخالق سبحانه ، إيماء إلى الرحمة بهم والعناية : لأنّ معنى الربوبية يَرجع إلى تدبير المربوب والرفق به واللطف به ، ولتحصل به الإضافة إلى ضميرهم إضافة تشريف .

وتقدّمت الرحمة في قوله : { الرحمن الرحيم } [ الفاتحة : 1 ] .

والرضوان بكسر الراء وبضمها : الرضا الكامل الشديد ، لأنّ هذه الصيغة تشعر بالمبالغة مثل الغُفران والشُكران والعِصيان .

والجنّات تقدّم الكلام عليها في ذكر الجنة في سورة البقرة ، وجمعها باعتبار مراتبها وأنواعها وأنواعِ النعيم فيها .

والنعيم : ما به التذاذ النفس باللذات المحسوسة ، وهو أخصّ من النِعمة ، قال تعالى : { إن الأبرار لفي نعيم } [ الإنفطار : 13 ] وقال : { ثم لتسألن يومئذ عن النعيم } [ التكاثر : 8 ] .

والمقيم المستمرّ ، استعيرت الإقامة للدوام والاستمرار .

والتنكير في { برحمة ، ورضوان ، وجنات ، ونعيم } للتعظيم ، بقرينة المقام ، وقرينة قوله { منه } وقرينة كون تلك مبشرّاً بها .