تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَوَقَىٰهُ ٱللَّهُ سَيِّـَٔاتِ مَا مَكَرُواْۖ وَحَاقَ بِـَٔالِ فِرۡعَوۡنَ سُوٓءُ ٱلۡعَذَابِ} (45)

{ فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا } أي : وقى الله القويّ الرحيم ، ذلك الرجل المؤمن الموفق ، عقوبات ما مكر فرعون وآله له ، من إرادة إهلاكه وإتلافه ، لأنه بادأهم بما يكرهون ، وأظهر لهم الموافقة التامة لموسى عليه السلام ، ودعاهم إلى ما دعاهم إليه موسى ، وهذا أمر لا يحتملونه وهم الذين لهم القدرة إذ ذاك ، وقد أغضبهم واشتد حنقهم عليه ، فأرادوا به كيدًا فحفظه الله من كيدهم ومكرهم وانقلب كيدهم ومكرهم ، على أنفسهم ، { وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ } أغرقهم الله تعالى في صبيحة واحدة عن آخرهم .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَوَقَىٰهُ ٱللَّهُ سَيِّـَٔاتِ مَا مَكَرُواْۖ وَحَاقَ بِـَٔالِ فِرۡعَوۡنَ سُوٓءُ ٱلۡعَذَابِ} (45)

وقوله : فَوَقاهُ اللّهُ سَيّئاتِ ما مَكَرُوا يقول تعالى ذكره : فدفع الله عن هذا المؤمن من آل فرعون بإيمانه وتصديق رسوله موسى ، مكروه ما كان فرعون ينال به أهل الخلاف عليه من العذاب والبلاء ، فنجاه منه . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : سَيّئات ما مَكَرُوا قال : وكان قبطيا من قوم فرعون ، فنجا مع موسى ، قال : وذكر لنا أنه بين يدي موسى يومئذ يسير ويقول : أين أمرت يا نبيّ الله ؟ فيقول : أمامك ، فيقول له المؤمن : وهل أمامي إلا البحر ؟ فيقول موسى : لا والله ما كَذَبتُ ولا كُذبتُ ، ثم يسير ساعة ويقول : أين أمرت يا نبيّ الله ؟ فيقول : أمامك ، فيقول : وهل أمامي إلا البحر ، فيقول : لا والله ما كذبت ، ولا كذبت ، حتى أتى على البحر فضربه بعصاه ، فانفلق اثني عشر طريقا ، لكل سبط طريق .

وقوله : وَحاقَ بآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ العَذابِ يقول : وحل بآل فرعون ووجب عليهم وعُني بآل فرعون في هذا الموضع تبّاعه وأهل طاعته من قومه ، كما :

حدثنا محمد ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ في قول الله : وَحاقَ بآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ العَذابِ قال : قوم فرعون .

وعُني بقوله : سُوءُ العَذَابِ : ما ساءهم من عذاب الله ، وذلك نار جهنم .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَوَقَىٰهُ ٱللَّهُ سَيِّـَٔاتِ مَا مَكَرُواْۖ وَحَاقَ بِـَٔالِ فِرۡعَوۡنَ سُوٓءُ ٱلۡعَذَابِ} (45)

{ فوقاه الله سيئات ما مكروا } شدائد مكرهم . وقيل الضمير لموسى عليه الصلاة والسلام . { وحاق بآل فرعون } بفرعون وقومه فاستغنى بذكرهم عن ذكره للعلم بأنه أولى بذلك . وقيل بطلبة المؤمن من قومه فإنه فر إلى جبل فاتبعه طائفة فوجدوه يصلي والوحوش حوله صفوفا فرجعوا رعبا فقتلهم . { سوء العذاب } الغرق أو القتل أو النار .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَوَقَىٰهُ ٱللَّهُ سَيِّـَٔاتِ مَا مَكَرُواْۖ وَحَاقَ بِـَٔالِ فِرۡعَوۡنَ سُوٓءُ ٱلۡعَذَابِ} (45)

والضمير في : { وقاه } يحتمل أن يعود على موسى ، ويحتمل أن يعود على مؤمن آل فرعون ، وقال قائلو ذلك : إن ذلك المؤمن نجا مع موسى عليه السلام في البحر ، وفر في جملة من فر معه من المتبعين .

وقرأ عاصم : { فوقاه الله } بالإمالة .

{ وحاق } معناه : نزل ، وهي مستعملة في المكروه . و : { سوء العذاب } الغرق وما بعده من النار وعذابها .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَوَقَىٰهُ ٱللَّهُ سَيِّـَٔاتِ مَا مَكَرُواْۖ وَحَاقَ بِـَٔالِ فِرۡعَوۡنَ سُوٓءُ ٱلۡعَذَابِ} (45)

تفريع { فَوَقاهُ الله } مؤذن بأنهم أضمروا مكراً به . وتسميته مكراً مؤذن بأنهم لم يُشعروه به وأن الله تكفل بوقايته لأنه فوَّض أمره إليه . والمعنى : فأنجاه الله ، فيجوز أن يكون نجا مع موسى وبني إسرائيل فخرج معهم ، ويجوز أن يكون فرّ من فرعون ولم يعثروا عليه .

و ( ما ) مصدرية . والمعنى : سيئات مكْرهم . وإضافة { سيئات } إلى ( مكر ) إضافة بيانية ، وهي هنا في قوة إضافة الصفة إلى الموصوف لأن المكر سيّء . l وإنما جُمع السيئات باعتبار تعدد أنواع مكرهم التي بيّتوها .

وحَاق : أحاط . والعذاب : الغَرَق . والتعريف للعهد لأنه مشهور معلوم . وتقدم له ذكر في السور النازلة قبل هذه السورة .

ومناسبة فعل { حَاق } لذلك العذاب أنه مما يَحيق على الحقيقة ، وإنما كان الغَرَق سوء عذاب لأن الغريق يعذب باحتباس النفَس مدة وهو يطفو على الماء ويغوص فيه ويُرعبه هول الأمواج وهو مُوقن بالهلاك ثم يكون عُرضة لأكْل الحيتان حيًّا وميِّتاً وذلك ألم في الحياة وخزي بعد الممات يُذكرون به بين الناس .