تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أَمۡ يَحۡسَبُونَ أَنَّا لَا نَسۡمَعُ سِرَّهُمۡ وَنَجۡوَىٰهُمۚ بَلَىٰ وَرُسُلُنَا لَدَيۡهِمۡ يَكۡتُبُونَ} (80)

{ أَمْ يَحْسَبُونَ } بجهلهم وظلمهم { أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ } الذي لم يتكلموا به ، بل هو سر في قلوبهم { وَنَجْوَاهُمْ } أي : كلامهم الخفي الذي يتناجون به ، أي : فلذلك أقدموا على المعاصي ، وظنوا أنها لا تبعة لها ولا مجازاة على ما خفي منها .

فرد اللّه عليهم بقوله : { بَلَى } أي : إنا نعلم سرهم ونجواهم ، { وَرُسُلُنَا } الملائكة الكرام ، { لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ } كل ما عملوه ، وسيحفظ ذلك عليهم ، حتى يردوا القيامة ، فيجدوا ما عملوا حاضرا ، ولا يظلم ربك أحدا .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{أَمۡ يَحۡسَبُونَ أَنَّا لَا نَسۡمَعُ سِرَّهُمۡ وَنَجۡوَىٰهُمۚ بَلَىٰ وَرُسُلُنَا لَدَيۡهِمۡ يَكۡتُبُونَ} (80)

وقوله - سبحانه - : { أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لاَ نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم } توبيخ آخر لهم على جهلهم وانطماس بصائرهم .

والمراد بالسر هنا : حديثهم مع أنفسهم ، والمراد بنجواهم : ما تكلم به بعضهم مع بعض دون أن يطلعوا عليه أحدا غيرهم .

أى : بل أيظن هؤلاء الجاهلون أننا لا نعلم ما يتحدثون به مع أنفسهم ، وما يتحدثون به مع غيرهم فى خفية واستتار .

وقوله - سبحانه - : { بلى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ } أى : إذا كانوا يظنون ذلك فقد خابوا وخسروا ، فإننا نعلم سرهم ونجواهم . ورسلنا الذين يحفظون عليهم أعمالهم ، ملازمون لهم ، ويسجلون عليهم كل صغيرة وكبيرة .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{أَمۡ يَحۡسَبُونَ أَنَّا لَا نَسۡمَعُ سِرَّهُمۡ وَنَجۡوَىٰهُمۚ بَلَىٰ وَرُسُلُنَا لَدَيۡهِمۡ يَكۡتُبُونَ} (80)

{ أم } والاستفهام المقدر بعدها في قوله : { أم يحسبون } هما مثل ما تقدم في قوله : { أم أبرموا أمراً } [ الزخرف : 79 ] .

وحرف { بلى } جواب للنفي من قوله : { أنا لا نسمع } ، أي بَلى نحن نسمع سرهم ونجواهم .

والسمع هو : العلم بالأصوات .

والمراد بالسر : ما يُسرونه في أنفسهم من وسائل المَكر للنبيء صلى الله عليه وسلم وبالنجوى ما يتناجون به بينهم في ذلك بحديث خفيّ .

وعطف { ورسلنا لديهم يكتبون } ليعلموا أن علم الله بما يُسِرُّون علم يترتب عليه أثرٌ فيهم وهو مؤاخذتهم بما يسرّون لأن كتابة الأعمال تؤذن بأنها ستحسب لهم يوم الجزاء . والكتابة يجوز أن تكون حقيقة ، وأن تكون مجازاً ، أو كناية عن الإحصاء والاحتفاظ .

والرسل : هم الحفظة من الملائكة لأنهم مرسلون لتقصّي أعمال النّاس ولذلك قال : { لديهم يكتبون } كقوله : { ما يلفظ من قولٍ إلا لديه رقيبٌ عتيدٌ } [ ق : 18 ] ، أي رقيب يرقب قوله .