تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قُلۡ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَۖ فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (32)

وهذا أمر من الله تعالى لعباده بأعم الأوامر ، وهو طاعته وطاعة رسوله التي يدخل بها الإيمان والتوحيد ، وما هو من فروع ذلك من الأعمال والأقوال الظاهرة والباطنة ، بل يدخل في طاعته وطاعة رسوله اجتناب ما نهى عنه ، لأن اجتنابه امتثالا لأمر الله هو من طاعته ، فمن أطاع الله ورسوله ، فأولئك هم المفلحون { فإن تولوا } أي : أعرضوا عن طاعة الله ورسوله فليس ثم أمر يرجعون إليه إلا الكفر وطاعة كل شيطان مريد { كتب عليه أنه من تولاه فأنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير } فلهذا قال : { فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين } بل يبغضهم ويمقتهم ويعاقبهم أشد العقوبة ، وكأن في هذه الآية الكريمة بيانا وتفسيرا لاتباع رسوله ، وأن ذلك بطاعة الله وطاعة رسوله ، هذا هو الاتباع الحقيقي .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{قُلۡ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَۖ فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (32)

ثم كرر - سبحانه - الأمر لرسوله صلى الله عليه وسلم بأن يحض الناس على اتباع ما يسعدهم فقال له : { قُلْ أَطِيعُواْ الله والرسول } .

أى قل لهم يا محمد أطيعوا الله وأطيعوا رسوله في جميع الأوامر والنواهى ، وإن من يدعي أنه مطيع لله دون أن يتبع رسوله فإنه يكون كاذبا في دعواه ، ولذا لم يقل - سبحانه - أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ، للإشعار بأن الطاعة واحدة وأن طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم طاعة لله تعالى ، كما قال سبحانه : { مَّنْ يُطِعِ الرسول فَقَدْ أَطَاعَ الله } ثم ذكر - سبحانه - عاقبة العصاة المعاندين فقال : { فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ الله لاَ يُحِبُّ الكافرين } أى : فإن أعرضوا عما تأمرهم به يا محمد ولم يستجيبوا لك واستمروا على كفرهم ، فإنهم لا ينالون محبة الله ، لأنهم كافرون .

ففى هذه الجملة الكريمة دلالة على أن محبة الله لا ينالها إلا من يتبع الرسول صلى الله عليه وسلم لأنه - سبحانه - نفى حبه عن الكافرين ، ومتى نفى حبه عنهم فقد أثبت بغضه ، و لأنه عبر عن تركهم اتباع رسوله بالتولي وهو أفحش أنواع الإعراض ، ومن أعرض عن طاعة رسول الله كان بعيداً عن محبة الله .

وبذلك نرى أن هذه الآيات الكريمة قد ساقت للناس من التوجيهات السامية ، والآداب العالية ما من شأنه أن يغرس في النفوس إخلاص العبادة لله ، والخشية من عقابه ، والأمل في ثوابه ، والإكثار من العلم الصالح الذى يؤدى إلى رضا الله ومحبته .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قُلۡ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَۖ فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (32)

وذهب الطبري إلى أن قوله : { قل أطيعوا الله والرسول } خطاب لنصارى نجران وفي قوله : { فإن الله لا يحب الكافرين } وعيد ، ويحتمل أن يكون بعد الصدع بالقتال .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{قُلۡ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَۖ فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (32)

عودة إلى الموعظة بطريق الإجمال البحت : فَذْلَكَةً للكلام ، وحرصاً على الإجابة ، فابتدأ الموعظة أولاً بمقدمة وهي قوله : { إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئاً } [ آل عمران : 10 ] ثم شرع في الموعظة بقوله : { قل للذين كفروا ستغلبون } [ آل عمران : 12 ] الآية . وهو ترهيب ثم بذكر مقابله في الترغيب بقوله : { قل أؤنبّئكم بخير من ذلكم } [ آل عمران : 15 ] الآية ثم بتأييد ما عليه المسلمون بقوله : { شهد اللَّه أنه لا إله إلا هو } [ آل عمران : 18 ] الآية وفي ذلك تفصيل كثير . ثم جاء بطريق المجادلة بقوله : { فإن حاجّوك } [ آل عمران : 20 ] الآية ثم بترهيب بغير استدلال صريح ولكن بالإيماء إلى الدليل وذلك قوله : { إن الذين يكفرون بآيات اللَّه ويقتلون النبيين بغير حق } [ آل عمران : 21 ] ثم بطريق التهديد والإنذار التعريضي بقوله : { قل اللهم مالك الملك } [ آل عمران : 26 ] الآيات . ثم أمر بالقطيعة في قوله : { لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء } [ آل عمران : 28 ] . وختم بذكر عدم محبة الكافرين ردّاً للعجز على الصدر المتقدم في قوله : { إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم } [ آل عمران : 10 ] الآية ليكون نفي المحبة عن جميع الكافرين ، نفياً عن هؤلاء الكافرين المعيَّنين .