تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱللَّهَ يُدۡخِلُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ يُحَلَّوۡنَ فِيهَا مِنۡ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٖ وَلُؤۡلُؤٗاۖ وَلِبَاسُهُمۡ فِيهَا حَرِيرٞ} (23)

{ إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ } ومعلوم أن هذا الوصف لا يصدق على غير المسلمين ، الذين آمنوا بجميع الكتب ، وجميع الرسل ، { يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ } أي : يسورون في أيديهم ، رجالهم ونساؤهم أساور الذهب .

{ وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ } فتم نعيمهم بذكر أنواع المأكولات اللذيذات المشتمل عليها ، لفظ الجنات ، وذكر الأنهار السارحات ، أنهار الماء واللبن والعسل والخمر ، وأنواع اللباس ، والحلي الفاخر .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱللَّهَ يُدۡخِلُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ يُحَلَّوۡنَ فِيهَا مِنۡ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٖ وَلُؤۡلُؤٗاۖ وَلِبَاسُهُمۡ فِيهَا حَرِيرٞ} (23)

ولكن القرآن كعادته فى قرن الترهيب بالترغيب . لا يترك النفوس فى هذا الفزع ، بل يتبع ذلك بما يمسح عنها خوفها ورعبها عن طريق بيان حسن حال المؤمنين فيقول : { إِنَّ الله يُدْخِلُ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار . . . } .

وغير - سبحانه - الأسلوب فلم يقل : والذين آمنوا على سبيل العطف على الذين كفروا . . . تعظيم لشأن المؤمنين ، وإشعار بمباينة حالهم لحال خصمائهم الكافرين .

أى : إن الله - تعالى - بفضله وإحسانه يدخل عباده الذين آمنوا وعملوا فى دنياهم الأعمال الصالحات ، جنات عاليات تجرى من تحت أشجارها وثمارها الأنهار .

وقوله { يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ } بيان لما ينالون فى تلك الجنات من خير وفير ، وعطاء جزيل .

أى : يتزينون فى تلك الجنات بأساور كائنة من الذهب الخالص ، ومن اللؤلؤ الثمين ، أما لباسهم الدائم فيها فهو من الحرير الناعم الفاخر .

قال الآلوسى : وقوله - تعالى - : { وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ } غير الأسلوب حيث لم يقل ويلبسون فيها حريرا ، للإيذان بأن ثبوت اللباس لهم أمر محقق غنى عن البيان . . . ثم إن الظاهر أن هذا الحكم عام فى كل أهل الجنة ، وقيل هو باعتبار الأغلب ، لما أخرجه النسائى وابن حيان وغيرهما عن أبى سعيد الخدرى قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :

" من لبس الحرير فى الدنيا لم يلبسه فى الآخرة . وإن دخل الجنة لبسه أهل الجنة ولم يلبسه " .

قالوا : ومحله فيمن مات مصرا على ذلك .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِنَّ ٱللَّهَ يُدۡخِلُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ يُحَلَّوۡنَ فِيهَا مِنۡ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٖ وَلُؤۡلُؤٗاۖ وَلِبَاسُهُمۡ فِيهَا حَرِيرٞ} (23)

هذه الآية معادلة لقوله : { فالذين كفروا } [ الحج : 19 ] وقرأ الجمهور «يُحلون » بضم الياء وشد اللام من الحلي ، وقرأ ابن عباس «يَحلَون » بفتح الياء واللام وتخفيفها ، يقال حلي الرجال وحليت المرأة إذا صارت ذات حلي وقيل هي من قولهم لم يحل فلان بطائل{[8335]} ، و { من } في قوله { من أساور } هي لبيان الجنس ويحتمل أن تكون للتبعيض ، و «الأساور » جمع سوار وإسوار بكسر الهمزة ، وقيل { أساور } جمع أسورة وأسورة جمع سوار ، وقرأ ابن عباس من «أسورة من ذهب » ، و «اللؤلؤ » الجوهر وقيل صغاره وقيل كباره والأشهر أنه اسم للجوهر ، وقرأ نافع وعاصم في رواية أبي بكر{[8336]} «ولؤلؤاً » بالنصب عطفاً على موضع الأساور لأن التقدير يحلون أساور ، وهي قراءة الحسن والجحدري وسلام ويعقوب والأعرج وأبي جعفر وعيسى بن عمر ، وحمل أبو الفتح نصبه على إضمار فعل ، وقرأ الباقون من السبعة و «لؤلؤٍ » بالخفض عطفاً إما على لفظ الأساور ويكون اللؤلؤ في غير الأساور ، وإما على الذهب لأن الأساور أيضاً تكون «من ذهب » و «لؤلؤ » قد جمع بعضه إلى بعض ، ورويت هذه القراءة عن الحسن بن أبي الحسن وطلحة وابن وثاب والأعمش وأهل مكة ، وثبتت في الإمام ألف بعد الواو قاله الجحدري ، وقال الأصمعي : ليس فيها ألف ، وروى يحيى عن أبي بكر عن عاصم همز الواو الثانية دون الأولى ، وروى المعلى بن منصور عن أبي عن عاصم ضد ذلك ، قال أبو علي : همزهما وتخفيفهما وهمز إحداهما دون الأخرى جائز كله ، وقرأ ابن عباس «ولئلئاً » بكسر اللامين ، وأخبر عنهم بلباس الحرير لأنها من أكمل حالات الآخرة ، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم «من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة »{[8337]} وقال ابن عباس : لا تشبه أمور الآخرة أمور الدنيا إلا في الأسماء فقط وإما الصفات فمتباينة .


[8335]:أي لم يظفر بطائل، فكأنه جعل ما يحلون به هناك أمرا ظفروا به.
[8336]:الثابت في المصحف أن رواية حفص عن عاصم بالنصب أيضا، فلا معنى لهذا التخصيص، ولهذا لم يذكره أحد من المفسرين.
[8337]:أخرجه البخاري ومسلم عن عمر رضي الله عنه. وأخرج النسائي والحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة، ومن شرب الخمر في الدنيا لم يشربه في الآخرة، ومن شرب في آنية الذهب والفضة لم يشرب في الآخرة)، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لباس أهل الجنة وشراب أهل الجنة وآنية أهل الجنة)، وأخرج النسائي والحاكم وابن حبان عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة، وإن دخل الجنة لبسه أهل الجنة ولم يلبسه).(الدر المنثور).