فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{إِنَّ ٱللَّهَ يُدۡخِلُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ يُحَلَّوۡنَ فِيهَا مِنۡ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٖ وَلُؤۡلُؤٗاۖ وَلِبَاسُهُمۡ فِيهَا حَرِيرٞ} (23)

{ إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ } ثم بين بعض ما أعده لهم من النعيم بعد دخولهم الجنة فقال : { يُحَلَّوْنَ فِيهَا } بالتشديد والبناء للمفعول ، وقرئ مخففا أي يحليهم الله أو الملائكة بأمره { مِنْ } للتبغيض أي يحلون بعض { أَسَاوِرَ } للبيان أو زائدة ، وهي جمع أسورة ، والأسورة جمع سوار ، وفيه لغتان كسر السين وضمها ، وهي لغة ثالثة وهي أسوار .

{ مِن ذَهَبٍ } من البيان { وَلُؤْلُؤًا } بالنصب أي ويحلون لؤلؤا وهو ما يستخرج من البحر من جوف الصدف ، قال القشيري : والمراد ترصيع السوار باللؤلؤ ، ولا يبعد أن يكون في الجنة سوار من لؤلؤ مصمت كما أن فيها أساور من ذهب ، قال القرطبي : يسور المؤمن في الجنة بثلاثة أسورة سوار من ذهب وسوار من فضة وسوار من لؤلؤ .

{ وَلِبَاسُهُمْ } أي جميع ما يلبسونه { فِيهَا حَرِيرٌ } كما تفيده هذه الإضافة ، ويجوز أن يراد أن هذا النوع من الملبوس الذي كان محرما عليهم في الدنيا حلال لهم في الآخرة ، وأنه من جملة ما يلبسونه فيها ، ففيها ما تشتهيه الأنفس ، وكل واحد منهم يعطي ما تشتهيه نفسه ، وينال ما يريده .

وفي الصحيحين وغيرهما عن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة " {[1230]} وفي الباب أحاديث . وغير الأسلوب حيث ، لم يقل : ويلبسون فيها حريرا ، وللمحافظة على الفواصل ، وللدلالة على أن الحرير ثيابهم المعتادة في الجنة ، فإن العدول إلى الجملة الاسمية يدل على الدوام .


[1230]:مسلم 2073 ـ البخاري 2279.