تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{لِيُكَفِّرَ ٱللَّهُ عَنۡهُمۡ أَسۡوَأَ ٱلَّذِي عَمِلُواْ وَيَجۡزِيَهُمۡ أَجۡرَهُم بِأَحۡسَنِ ٱلَّذِي كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (35)

{ لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ } عمل الإنسان له ثلاث حالات : إما أسوأ ، أو أحسن ، أو لا أسوأ ، ولا أحسن .

والقسم الأخير قسم المباحات وما لا يتعلق به ثواب ولا عقاب ، والأسوأ ، المعاصي كلها ، والأحسن الطاعات كلها ، فبهذا التفصيل ، يتبين معنى الآية ، وأن قوله : { لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا } أي : ذنوبهم الصغار ، بسبب إحسانهم وتقواهم ، { وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ } أي : بحسناتهم كلها { إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا }

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{لِيُكَفِّرَ ٱللَّهُ عَنۡهُمۡ أَسۡوَأَ ٱلَّذِي عَمِلُواْ وَيَجۡزِيَهُمۡ أَجۡرَهُم بِأَحۡسَنِ ٱلَّذِي كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (35)

ثم بين - سبحانه - جابنا من مظاهر تكريمه لهم ، ورحمته بهم فقال : { لِيُكَفِّرَ الله عَنْهُمْ أَسْوَأَ الذي عَمِلُواْ وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الذي كَانُواْ يَعْمَلُونَ } .

واللام فى قوله : { لِيُكَفِّرَ . . . } متعلقة بمحذوف ، أى أعطاهم - سبحانه - ما أعطاهم من فضله ورحمته ليكفر عنهم أسوأ الذنوب التى عملوها ، كالكفر قبل الإِسلام ، بأن يغفر لهم ذلك ولا يؤاخذهم عليه .

وإذا غفر الله - تعالى - لهؤلاء المتقين أسوأ أعمالهم ، غفر لهم - بفضله ورحمته ما هو دونه بالطريق الأولى .

{ وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ } أى : ويعطيهم ثواب أعمالهم { بِأَحْسَنِ الذي كَانُواْ يَعْمَلُونَ } أى : يعطيهم فى مقابل عملهم الصالح فى الدنيا جنات فيها ما لاعين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر .

على هذا التفسير يكون قوله - تعالى - : أسوأ وأحسن ، أفعل تفضيل حيث كفر - سبحانه - عنهم أسوأ أعمالهم ، وكافأهم على أعمالهم بما هو أحسن منها وهو الجنة .

وهذا منتهى الفضل والإِحسان من الله - تعالى - لعباده المتقين ، حيث عاملهم بالفضل ولم يعاملهم بالعدل .

ومنهم من يرى أن قوله : أسوأ وأحسن ، بمعنى السيئ والحسن ، فيكون أفعل التفضيل ليس على بابه ، وإلى هذا المعنى أشار صاحب الكشاف بقوله : ما معنى إضافة الأسوأ والأحسن إلى الذى عملوا ؟ وما معنى التفضيل فيهما ؟ .

قلت : أما الإِضافة فما هى من إضافة أفعل إلى الجملة التى يفضل عليها ، ولكن من إضافة الشئ إلى ما هو بعضه من غير تفضيل . كقولك : الأشج أعدل بنى مروان .

وأما التفضيل فإيذان بأن السيئ الذى يفرط منهم من الصغائر والزلات المكفرة ، هو عندهم الأسوأ لاستعاظامهم المعصية ، والحسن الذى يعملونه هو عند الله الأحسن ؛ لحسن إخلاصهم فيه ، فلذلك ذكر سيئهم بالأسوأ ، وحسنهم بالأحسن .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{لِيُكَفِّرَ ٱللَّهُ عَنۡهُمۡ أَسۡوَأَ ٱلَّذِي عَمِلُواْ وَيَجۡزِيَهُمۡ أَجۡرَهُم بِأَحۡسَنِ ٱلَّذِي كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (35)

{ ليكفر الله عنهم أسوأ الذي عملوا } خص الأسوأ للمبالغة فإنه إذا كفر كان غيره أولى بذلك ، أو للإشعار بأنهم لاستعظامهم الذنوب يحسبون أنهم مقصرون مذنبون وأن ما يفرط منهم من الصغائر أسوأ ذنوبهم ، ويجوز أن يكون بمعنى السيئ كقولهم : الناقص والأشج أعدلا بني مروان ، وقرئ " أسوأ " جمع سوء . { ويجزيهم أجرهم } ويعطيهم ثوابهم .

{ بأحسن الذي كانوا يعملون } فتعد لهم محاسن أعمالهم بأحسنها في زيادة الأجر وعظمه لفرط إخلاصهم فيها .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{لِيُكَفِّرَ ٱللَّهُ عَنۡهُمۡ أَسۡوَأَ ٱلَّذِي عَمِلُواْ وَيَجۡزِيَهُمۡ أَجۡرَهُم بِأَحۡسَنِ ٱلَّذِي كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (35)

واللام في قوله : { ليكفر } يحتمل أن تتعلق بقوله : { المحسنين } ، أي الذين أحسنوا لكي يكفر ، وقاله ابن زيد . ويحتمل أن تتعلق بفعل مضمر مقطوع مما قبله ، كأنك قلت : يسرهم الله لذلك ليكفر ، لأن التكفير لا يكون إلا بعد التيسير للخير ، واستدلوا على أن { عملوا } هو كفر أهل الجاهلية ومعاصي أهل الإسلام .