تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَقَالُواْ لَن نُّؤۡمِنَ لَكَ حَتَّىٰ تَفۡجُرَ لَنَا مِنَ ٱلۡأَرۡضِ يَنۢبُوعًا} (90)

فيقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أتى بهذا القرآن المشتمل على كل برهان وآية : { لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا } أي : أنهارًا جارية .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَقَالُواْ لَن نُّؤۡمِنَ لَكَ حَتَّىٰ تَفۡجُرَ لَنَا مِنَ ٱلۡأَرۡضِ يَنۢبُوعًا} (90)

ذكر المفسرون فى سبب نزول هذه الآيات رواية طويلة ملخصها : " أن نفرا من زعماء قريش اجتمعوا عند الكعبة ، وطلبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءهم ، فقالوا له يا محمد : إنا قد بعثنا إليك لنعذر فيك ، وإنا والله ما نعلم رجلاً من العرب أدخل على قومه ما أدخلت على قومك ! ! لقد شتمت الآباء ، وعبت الدين . وسفهت الأحلام ، وشتمت الآلهة . . .

فإن كنت جئت بهذا الحديث تطلب مالاً ، جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالاً ، وإن كنت تطلب شرفا فينا ، سودناك علينا ، وإن كنت تريد ملكًا ملكناك علينا . . .

فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بى شئ مما تقولون ، ولكن الله بعثنى إليكم رسولاً ، وأنزل على كتابًا ، وأمرنى أن أكون بشيرًا ونذيرًا ، فبلغتكم رسالة ربى ونصحت لكم ، فإن تقبلوا منى فهو حظكم من الدنيا والآخرة ، وإن تردوه على أصبر لأمر الله - تعالى - حتى يحكم بينى وبينكم .

فقالوا له يا محمد : فإن كنت صادقًا فيما تقول ، فسل لنا ربك الذى بعثك ، فليسير عنا هذا الجبل الذى قد ضيق علينا ، وليبسط لنا بلادنا ، ويفجر فيها الأنهار ، ويبعث من مضى من آبائنا ، فنسألهم عما تقول أحق هو أم باطل . .

وسله أن يبعث معك ملكا يصدقك ، واسأله أن يجعل لك جنانا وقصورًا أو كنوزًا من ذهب وفضة . تعينك على معاشك .

فقال صلى الله عليه وسلم ما بعثت بهذا . فقالوا : فأسقط السماء - كما زعمت - علينا كسفا . . .

وقال أحدهم : لا أومن بك أبدًا ، حتى تتخذ لك سلمًا إلى السماء ترقى فيه ، ونحن ننظر إليك . .

فانصرف صلى الله عليه وسلم عنهم حزينًا ، لما رأى من تباعدهم عن الهدى ، فأنزل الله عليه هذه الآيات تسلية له . . . " .

والمعنى : وقال المشركون الذين لا يرون لقاءنا لرسولنا صلى الله عليه وسلم يا محمد : { لَن نُّؤْمِنَ لَكَ } ونتبعك فيما تدعونا إليه .

{ حتى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأرض يَنْبُوعاً } أى : حتى تخرج لنا من أرض مكة القليلة المياه ، { ينبوعًا } أى : عينا لا ينضب ماؤها ولا يغور .

يقال : نبع الماء من العين ينبع - بتثليث الباء فيهما - إذا خرج وظهر وكثر .

وقرأ بعض السبعة { تفجر } بالتخفيف - من باب نصر - وقرأ البعض الآخر { تفجر } بتشديد الجيم ، من فجر بالتشديد ، والتضعيف للتكثير .

والتعريف فى لفظ { الأرض } للعهد ، لأن المراد بها أرض مكة .

وعبر بكلمة { ينبوعًا } للإِشعار بأنهم لا يريدون من الماء ما يكفيهم فحسب ، وإنما هم يريدون ماء كثيرًا لا ينقص فى وقت من الأوقات ، إذ الياء زائدة للمبالغة

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَقَالُواْ لَن نُّؤۡمِنَ لَكَ حَتَّىٰ تَفۡجُرَ لَنَا مِنَ ٱلۡأَرۡضِ يَنۢبُوعًا} (90)

{ وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجُر لنا من الأرض ينبوعا } تعنتا واقتراحا بعد ما لزمتهم الحجة بيان إعجاز القرآن وانضمام غيره من المعجزات إليه . وقرأ الكوفيون ويعقوب { تفجر } بالتخفيف والأرض ارض مكة والينبوع عين لا ينضب ماؤها يفعول من نبع الماء كيعبوب من عب الماء إذا زخر .