تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ٱلۡجَوَارِ ٱلۡكُنَّسِ} (16)

{ 15 - 29 } { فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ * الْجَوَارِي الْكُنَّسِ * وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ * وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ * إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ * وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ * وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ * وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ * وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ * فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ * إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ * لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ } أقسم تعالى { بِالْخُنَّسِ } وهي الكواكب التي تخنس أي : تتأخر عن سير الكواكب المعتاد إلى جهة المشرق ، وهي النجوم السبعة السيارة : " الشمس " ، و " القمر " ، و " الزهرة " ، و " المشترى " ، و " المريخ " ، و " زحل " ، و " عطارد " ، فهذه السبعة لها سيران : سير إلى جهة المغرب مع باقي الكواكب والأفلاك{[1363]} ، وسير معاكس لهذا من جهة المشرق تختص به هذه السبعة دون غيرها .

فأقسم الله بها في حال خنوسها أي : تأخرها ، وفي حال جريانها ، وفي حال كنوسها أي : استتارها بالنهار ، ويحتمل أن المراد بها جميع النجوم{[1364]}  الكواكب السيارة وغيرها .


[1363]:- في ب: مع سائر الكواكب والفلك.
[1364]:- في ب: الكواكب.

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{ٱلۡجَوَارِ ٱلۡكُنَّسِ} (16)

والفاء فى قوله - تعالى - : { فَلاَ أُقْسِمُ بالخنس . . . } للتفريع على ما تقدم من تحقيق وقوع البعث ، وهى تعطى - أيضا - معنى الإِفصاح ، و " لا " مزيدة لتأكيد القسم ، وجواب القسم قوله - تعالى - { إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ } .

و { الخنس } - بزنة رُكَّع - جمع خانس ، والخنوس : الاستخفاء والاستتار ، يقال خنست الظبية والبقرة ، إذا اختفت فى بيتها .

و { الجوار } جمع جارية ، وهى التى تجرى بسرعة ، من الجرى بمعنى الإِسراع فى السير .

و { الكنس } جمع كانس . يقال : كنس الظبى ، إذا دخل كناسه - بكسر الكاف - وهو البيت الذى يتخذه للمبيت ، وسمى بذلك لأنه يتخذه من أغصان الأشجار ، ويكنس الرمل إليه حتى يكون مختفيا عن الأعين .

وهذه الصفات ، المراد بها النجوم ، لأنها بالنهار تكون مختفية عن الأنظار ، ولا تظهر إلا بالليل ، فشبهت بالظباء التى تختفى فى بيوتها ولا تظهر إلا فى أوقات معينة .

أى : إذا كان الأمر كما ذكرت لكم من أن البعث حق . . فأقسم بالنجوم التى تخنس بالنهار ، أى : يغيب ضؤوها عن العيون بالنهار ، ويظهر بالليل ، والتى تجرى من مكان إلى آخر بقدرة الله - تعالى - ثم تكنس - أى : تستتر وقت غروبها - كما تتوارى الظباء فى كُنُسِها . . إن هذا القرآن لقول رسول كريم .

قال ابن كثير ما ملخصه : قوله - تعالى - { فَلاَ أُقْسِمُ بالخنس . الجوار الكنس } : هى النجوم تخنس بالنهار ، وتظهر بالليل ، روى ذلك عن على بن أبى طالب وابن عباس ومجاهد .

وقال بعض الأئمة : وإنما قيل للنجوم " الخنس " أى : فى حال طلوعها ، ثم هى جوار فى فلكها ، وفى حال غيبوبتها ، يقال لها " كنس " ، من قول العرب . أوى الظبى إلى كناسه : إذا تغيب فيه .

وفى رواية عن ابن عباس : أنها الظباء ، وفى أخرى أنها بقر الوحش حين تكنس إلى الظل أو إلى بيوتها .

وتوقف ابن جرير فى قوله : { بالخنس . الجوار الكنس } هل هى النجوم أو الظباء وبقر الوحش قال : ويحتمل أن يكون الجميع مرادا . .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{ٱلۡجَوَارِ ٱلۡكُنَّسِ} (16)

ولذلك وصفها بقوله الجوار الكنس أي السيارات التي تختفي تحت ضوء الشمس من كنس الوحش إذا دخل كناسه وهو بيته المتخذ من أغصان الشجر .