الآيتان 15 و16 : وقوله تعالى : { فلا أقسم بالخنس } { الجوار الكنس } الأشياء التي وقع بها القسم تقتضي/628 – أ/أحكاما ثلاثة :
أحدها : ما من شيء خلقه الله تعالى إلا وفيه دليل وحدانيته وآية ربوبيته ، إذا أمعن النظر فيه .
[ والثاني : تثبيت ]{[23181]} علمه وحكمته يدل على قدرته وسلطانه .
[ والثالث : ]{[23182]} في تثبيت القدرة والسلطان إيجاب القول بالرسالة ونهي عن عبادة غير الله .
فلو أمنعوا النظر فيها ، وتفكروا في أمره أدّاهم ذلك إلى القول بالبعث ، ودعاهم إلى وحدانية الرب والإقرار بالرسل ، فلا [ كانوا ]{[23183]} يدّعون أن معه آلهة أخرى ، ولا كانوا ينكرون البعث ، ولا يكذبون الرسول .
فأقسم بهذه الأشياء على التأكيد بحججه ليعلموا أنه رسول من عنده ، أو أن الأوامر من عنده ، أو أن يكون القسم تلقينا من الله تعالى لرسوله بأن يقسم لهم بهذه الأشياء ليزيل عنهم الشبه والشكوك التي اعترضت للكفرة في أمره صلى الله عليه وسلم ويدعوهم إلى النظر في حججه وآياته .
ثم القسم بما لطف من الأشياء ، ودق ، وبما كثف ، وغلظ ، وبما كبر ، وصغر ، وبما ظهر ، وخفي ، تتفق كلها في إزالة الشبه وإثبات التوحيد والرسالة والبعث . بل الأعجوبة في ما لطف من الأشياء أعظم منها بما كثف ، وغلظ . فأقسم مرة بالكواكب ، ومرة بظلمة الليل وما يضحى وبما شاء من خلقه .
إن الخلائق كلها في الشهادة على وحدانيته وإثبات ربوبيته وإثبات علمه وقدرته وسلطانه متفقة ، ولأن ما لطف من الأشياء ، وخفي منها ، يتصل بما ظهر منها ، فيتضمن ذكر ما خفي منها ، واستتر ، ذكر ما ظهر منها ، وفي ذكر ما ظهر منها ذكر منشئها ، فيكون القسم في الحقيقة بالله تعالى .
ثم اختلف في الخنس والكنس ؛ قال أبو بكرك إن الخنس ، هي النجوم التي يطلعن من مطالعها ، ويغربن في مغاربها ، والكنّس ، هي النجوم التي يطلعن من مطالعها ، ثم يكنسن ، ويختفين إلى أن يعدن إلى مطالعهن ، فيطلعن .
وقيل : الخنس الجواري الكنس ، هي خمسة كواكب ، لهن مجار في السماء ، يظهرن بالليل ، ويسترن بالنهار ، وسائر الكواكب ثوابت . ثم قيل : الخنوس والكنوس واحد ، وهو الاختفاء والغروب في مغاربها والدخول فيها . وقيل : الكنوس الاختفاء ، والخنوس التأخر ، وكذا قال الفراء : هي النجوم الخمسة [ تخنس ]{[23184]} في مجراها ، وترجع .
وفي حديث كعب [ الحبر ]{[23185]} فيخنس بهم النهار كما تخنس النجوم الخنس ، أي يحيد بهم ، ويتأخر ، والله أعلم .
وعن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال : [ هي ]{[23186]} الوحوش اللاتي تخنس من الإنس ، وتكنس في مكانهن . وأيا{[23187]} كان ، فهي كلها دالة على الوجوه التي ذكرنا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.