فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{ٱلۡجَوَارِ ٱلۡكُنَّسِ} (16)

{ الجوار } أي السيارة لأنها تجري مع الشمس والقمر { الكنس } أي أنها ترجع حتى تخفى تحت ضوء الشمس فخنوسها رجوعها وكنوسها اختفاؤها تحت ضوئها وقيل خنوسها خفاؤها بالنهار وكنوسها غروبها ، قال الحسن وقتادة هي النجوم التي تخنس بالنهار وإذا غربت ، والمعنى متقارب لأنها تتأخر في النهار عن البصر لخفائها فلا ترى وتظهر بالليل وتكنس في وقت غروبها .

وقيل المراد بها بقر الوحش وبه قال ابن مسعود : لأنها تتصف بالخنس وبالجواري وبالكنس ، وقال عكرمة : اخنس البقر والكنس الظباء فهي تخنس إذا رأت الإنسان وتنقبض وتتأخر وتدخل كناسها ، وقيل هي الملائكة والأول أولى لذكر الليل والصبح بعد هذا .

والكنس مأخوذ من الكناس الذي يختفي فيه الوحش ، والخنس جمع خانس وخانسة ، والكنس جمع كانس وكانسة .

وقال ابن عباس هي البقرة تكنس إلى الظل ، وعنه قال تكنس لأنفسها في أصول الشجر تتوارى فيه ، وعنه قال هي الظباء وعنه الخنس البقر ، والجوار الكنس الظباء ، ألم ترها إذا كانت في الظل كيف تكنس بأعناقها ومدت نظرها .

وعن أبي العديس قال : " كنا عند عمر بن الخطاب فأتاه رجل فقال يا أمير المؤمنين ما الجواري الكنس فطعن عمر بمخصرة معه في عمامة الرجل فألقاها عن رأسه فقال عمر : أحروري ؟ والذي نفس عمر بن الخطاب بيده لو وجدتك محلوقا لأنحيت القمل عن رأسك " أخرجه الحاكم في الكنى ، وهذا منكر ، فإن الحروية لم يكونوا في زمن عمر رضي الله عنه ولا كان لهم في ذلك الوقت ذكر .