اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{ٱلۡجَوَارِ ٱلۡكُنَّسِ} (16)

وقيل : خُنُوسُهَا : رجوعها ، وكُنُوسها : اختفاؤها تحت ضوء الشمس .

قال ابن الخطيب{[59490]} : الأظهرُ أنَّ ذلك إشارة إلى رجوعها واستقامتها .

وقال الحسن وقتادة : هي النجوم كلها ؛ لأنها تخنس بالنهار إذا غربت ، وتظهر بالليل ، وتكنس في وقت غروبها ، أي : تتأخر عن البصر لخفائها ، وتكنس أي : تستتر ، كما تكنس الظِّباء في المغارة ، وهي الكناس ، والكنس : الداخلة في الكناس ، وهي بيت الوحش ، والجواري : جمع جارية{[59491]} .

وعن ابن مسعود : هي بقر الوحش ؛ لأن هذه صفتها{[59492]} .

وروي عن عكرمة قال : الخُنَّسُ : البقر ، والكُنسُ : هي الظباء ، فهي خنسٌ إذا رأين الإنسان خَنَسْنَ ، وانقبضن وتأخرن ودخلن كناسهنّ{[59493]} .

قال القرطبيُّ{[59494]} : «والخُنَّسُ » على هذا : من الخنس في الأنف ، وهو تأخير الأرنبة ، وقصر القصبة ، وأنوف البقر والظِّباء خنس ، والقول الأول أظهر لذكر الليل والصبح بعده .

وحكي الماورديُّ : أنها الملائكة ، والكُنَّسُ : الغيبُ ، مأخوذة من الكناس ، وهو كناس الوحش الذي يختفي{[59495]} فيه ، والكُنَّسُ : جمع كانس وكانسة .


[59490]:ينظر : الفخر الرازي 31/65.
[59491]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (12/467) عن الحسن.
[59492]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (12/468) والحاكم (2/516) والطبراني كما في "مجمع الزوائد" (7/137) عن ابن مسعود. وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي. وقال الهيثمي: رواه الطبراني ورجاله رجال صحيح. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/529) وزاد نسبته إلى عبد الرزاق وسعيد بن منصور والفريابي وابن سعد وعبد بن حميد وابن أبي حاتم وابن المنذر من طرق عن عبد الله بن مسعود.
[59493]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (12/469) عن ابن عباس وسعيد بن جبير ومجاهد والضحاك. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/529) عن مجاهد وعزاه إلى عبد بن حميد.
[59494]:الجامع لأحكام القرآن 19/155.
[59495]:في : ب يجتمع.