الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{ٱلۡجَوَارِ ٱلۡكُنَّسِ} (16)

{ فَلاَ أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ * الْجَوَارِ الْكُنَّسِ } قال قوم : هي النجوم الخمسة الذراري السيارة تخنس في مجارتها فترجع ورائها ويكنس في وقت اختفائها غروبها كما يكنس الظباء في مغارها ، وقال قتادة : هي النجوم تبدوا بالليل وتخفى بالنهار فلا تُرى ودليل هذا التأويل ما روى شعبة عن سماك عن خالد بن عرعرة أن رجلا من مراد قال لعلي : ما الخنس الجوار الكنس ؟ قال : هي الكواكب تخنس بالنهار فلا تُرى وتكنس بالليل فتأوي إلى مجاريها ، وهي بهرام وزحل وعطارد والزهرة والمشتري ، قال ابن زيد : معنى الخنس : أنها تخنس أي تتأخر عن مطالعها كل سنة لها في كل عام تأخر يتأخره عن تعجيل ذلك الطلوع يخنس عنه والكنس يكنسن بالنهار فلا تُرى .

وأخبرني ابن فنجويه قال : حدّثنا ابن النواب قال : حدّثنا رضوان بن أحمد بن عبد الجبار قال : حدّثنا أبو معونة عن الأعمش عن إبراهيم عن عبد الله في قوله سبحانه : { الْجَوَارِ الْكُنَّسِ } قال : هي بقر الوحش ، وإليه ذهب إبراهيم وجابر بن زيد وقال سعيد بن جبير : هي الظباء وهي رواية العوفي عن ابن عباس .

وأصل الخنس الرجوع إلى وراء ، والكنوس أن يأوي إلى مكانسها ، وهي المواضع التي يأوي إليها الوحش قال الأعشى :

فلما لحقنا الحي أتلع أنس *** كما أتلعت تحت المكانس ربرب

ويقال لها الكنايس أيضاً ، قال طرفه بن العبد :

كأن كناسي ضالة يكنفانها *** وأطرقسي تحت صلب مؤيد

وقال أوس بن حجر :

ألم تر أن الله أنزل مزنه *** وعفر الظباء في الكناس تقمع