تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قَالَ لَا تُؤَاخِذۡنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرۡهِقۡنِي مِنۡ أَمۡرِي عُسۡرٗا} (73)

{ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا ْ } أي : لا تعسر علي الأمر ، واسمح لي ، فإن ذلك وقع على وجه النسيان ، فلا تؤاخذني في أول مرة . فجمع بين الإقرار به والعذر منه ، وأنه ما ينبغي لك أيها الخضر الشدة على صاحبك ، فسمح عنه الخضر .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{قَالَ لَا تُؤَاخِذۡنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرۡهِقۡنِي مِنۡ أَمۡرِي عُسۡرٗا} (73)

ولكن موسى - عليه السلام - رد معتذرا لما فرط منه وقال : { لا تؤاخذنى } أيها العبد الصالح ، بما نسيت ، أى : بسبب نسيانى لوصيتك فى ترك السؤال والاعتراض حتى يكون لى منك البيان . { وَلاَ تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً } أى : ولا تكلفنى من أمرى مشقة فى صحبتى إياك .

يقال : أرهق فلان فلانا . إذا أتعبه وأثقل عليه وحمله ما لا يطيقه .

والمراد : التمس لى عذرا بسبب النسيان ، ولا تضيق على الأمر ، فإن فى هذا التضييق ما يحول بيني وبين الانتفاع بعلمك .

وكأن موسى - عليه السلام - الذى اعتزم الصبر وقدم المشيئة ، ورضى بشروط الخضر فى المصاحبة . . كأنه قد نسى كل ذلك أمام المشاهدة العملية ، وأمام التصرف الغريب الذى صدر من الخضر دون أن يعرف له سببا .

وهكذا الطبيعة البشرية تلتقى فى أنها تجد للتجربة العملية وقعا وطعما ، يختلف عن الوقع والطعم الذى تجده عند التصور النظرى .

فموسى - عليه السلام - وعد الخضر بأنه سيصبر . . . إلا أنه بعد أن شاهد ما لا يرضيه اندفع مستنكرا .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قَالَ لَا تُؤَاخِذۡنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرۡهِقۡنِي مِنۡ أَمۡرِي عُسۡرٗا} (73)

{ قَالَ } أي موسى : { لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا } أي : لا تضيق عليّ وتُشدد{[18342]} علىّ ؛ ولهذا تقدم في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " كانت الأولى من موسى نسيانًا " .

/خ65


[18342]:في ت، ف: "ولا تشدد".
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{قَالَ لَا تُؤَاخِذۡنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرۡهِقۡنِي مِنۡ أَمۡرِي عُسۡرٗا} (73)

اعتذر موسى بالنسيان وكان قد نسي التزامه بما غشي ذهنه من مشاهدة ما ينكره .

والنهي مستعمل في التعطف والتماس عدم المؤاخذة ، لأنه قد يؤاخذه على النسيان مؤاخذةَ من لا يَصلح للمصاحبة لما ينشأ عن النسيان من خطر . فالحَزامة الاحتراز من صحبة من يطرأ عليه النسيان ، ولذلك بني كلام موسى على طلب عدم المؤاخذة بالنسيان ولم يبن على الاعتذار بالنسيان ، كأنه رأى نفسه محقوقاً بالمؤاخذة ، فكان كلاماً بديع النسيج في الاعتذار .

والمؤاخذة : مفاعلة من الأخذ ، وهي هنا للمبالغة لأنها من جانب واحد كقوله تعالى : { ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم } [ النحل : 61 ] .

و ( ما ) مصدرية ، أي لا تؤاخذني بنسياني .

والإرهاق : تعدية رهق ، إذا غشِي ولحق ، أي لا تُغشِّني عسراً . وهو هنا مجاز في المعاملة بالشدة .

والإرهاق : مستعار للمعاملة والمقابلة .

والعسر : الشدة وضد اليسر . والمراد هنا : عسر المعاملة ، أي عدم التسامح معه فيما فعله فهو يسأله الإغضاء والصفح .

والأمر : الشأن .

و ( مِن ) يجوز أن تكون ابتدائية ، فكون المراد بأمره نسيانه ، أي لا تجعل نسياني منشئاً لإرهاقي عُسراً . ويجوز أن تكون بيانية فيكون المراد بأمره شأنه معه ، أي لا تجعل شأني إرهاقك إياي عسراً .