قال موسى { لاَ تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ } .
قال ابن عبَّاس{[1]} : إنَّه لم ينس ، ولكنَّه من معاريض الكلام ، فكأنَّه نسي شيئاً آخر .
وقيل : معناه : بما تركت من عهدك ، والنِّسيان التَّرك .
وروي عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال : " كانت الأولى من موسى نسياناً ، والوسطى شرطاً ، والثالثة عمداً " {[2]} .
فصل في الرد على الطاعنين في عصمة الأنبياء
قال ابن الخطيب{[3]} : احتجَّ الطَّاعنون في عصمة الأنبياءِ بهذه الآية من وجهين :
أحدهما : أنه ثبت بالدليل أن ذلك العالم كان نبيًّا ، ثم قال موسى : " أخَرقتهَا ، لتُغْرِقَ أهْلهَا " ، فإن صدق موسى في هذا القول ، دلَّ ذلك على صدور الذَّنْب العظيم من ذلك النبيِّ ، وإن كذب ، دلَّ ذلك على صدور الذنب [ العظيم ]{[4]} من موسى .
والثاني : أنه التزم أنَّه لا يعترض على ذلك العالمِ ، وجرت العهود المذكورة بذلك ، ثم إنَّه خالف تلك العهود ، وذلك ذنبٌ .
فالجواب عن الأول : أن موسى ، لما شاهد منه الأمر الخارج عن العادةِ ، قال هذا الكلام ، لا لأجل أنه اعتقد فيه أنه فعل قبيحاً ، بل إنَّه أحبَّ أن يقف على وجهه وسببه ، وقد يقال في الشيء العجيب الذي لا يعرف سببه : إنَّه إمرٌ .
وعن الثاني : أنَّه إنما خالف الشَّرط ؛ بناءً على النِّسيان ، ثم إنه تعالى حكى عن ذلك العالم أنَّه [ لما خالف الشرط ] لم يزد على أن قال : { أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً } ، فعندها اعتذر موسى بقوله : { لاَ تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ } أراد أنه نسي وصيَّته ، ولا مؤاخذة على الناسي ، { وَلاَ تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً } أي : لا تكلِّفني مشقَّة ، يقال : أرهقهُ عسراً وأرهقته عسراً ، أي : كلَّفتهُ ذلك . لا تضيِّق عليَّ أمري ، لا تعسِّر متابعتك [ ويسرها عليّ ]{[5]} بالإغضاء ، وترك المناقشة ، وعاملني باليسر ، ولا تعاملني بالعسر .
و " عُسْراً " : مفعول ثانٍ ل " تُرهِقْنِي " من أرهقه كذا ، إذا حمَّله إيَّاه ، وغشَّاه به ، و " ما " في " بِمَا نسيتُ " مصدرية ، أو بمعنى " الذي " والعائد محذوف .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.