تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ لَا نُكَلِّفُ نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَآ أُوْلَـٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَنَّةِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ} (42)

{ 42 - 43 ْ } { وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ْ }

لما ذكر الله تعالى عقاب العاصين الظالمين ، ذكر ثواب المطيعين فقال : { وَالَّذِينَ آمَنُوا ْ } بقلوبهم { وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ْ } بجوارحهم ، فجمعوا بين الإيمان والعمل ، بين الأعمال الظاهرة والأعمال الباطنة ، بين فعل الواجبات وترك المحرمات ، ولما كان قوله : { وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ْ } لفظا عاما يشمل جميع الصالحات الواجبة والمستحبة ، وقد يكون بعضها غير مقدور للعبد ، قال تعالى : { لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ْ } أي : بمقدار ما تسعه طاقتها ، ولا يعسر على قدرتها ، فعليها في هذه الحال أن تتقي اللّه بحسب استطاعتها ، وإذا عجزت عن بعض الواجبات التي يقدر عليها غيرها سقطت عنها كما قال تعالى : { لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ْ } { لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا ْ } { مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ْ } { فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ْ } فلا واجب مع العجز ، ولا محرم مع الضرورة .

{ أُولَئِكَ ْ } أي : المتصفون بالإيمان والعمل الصالح { أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ْ } أي : لا يحولون عنها ولا يبغون بها بدلا ، لأنهم يرون فيها من أنواع اللذات وأصناف المشتهيات ما تقف عنده الغايات ، ولا يطلب أعلى منه .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ لَا نُكَلِّفُ نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَآ أُوْلَـٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَنَّةِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ} (42)

ثم نرى السورة بعد ذلك تسوق لنا ما أعده الله للمؤمنين بعد أن بينت فيما سبق عاقبة الكافرين فقال - تعالى - : { والذين آمَنُواْ . . . } .

أى : والذين آمنوا بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ، وعملوا الأعمال الصالحة التي لا عسر فيها ولا مشقة ، إذ لا يكلف الله نفساً إلا وسعها ، أولئك الجامعون بين الإيمان والعمل الصالح ، هم أصحاب الجنة هم فيها خالدون .

وجملة - لا نكلف نفساً إلا وسعها - معترضة بين المبتدأ الذي هو قوله : { والذين آمَنُواْ } وبين الخبر الذي هو قوله : { أولئك أَصْحَابُ الجنة } .

قال الجمل : " وإنما حسن وقوع هذا الكلام بين المبتدأ والخبر ، لأنه من جنس هذا الكلام ، لأنه - سبحانه - لما ذكر عملهم الصالح ، ذكر أن ذلك العلم من وسعهم وطاقتهم وغير خارج عن قدرتهم ، وفيه تنبيه للكفار على أن الجنة مع عظم قدرها ، يتوصل إليها بالعمل السهل من غير مشقة ولا صعوبة " .

وقال صاحب الكشاف : " وجملة { لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا } معترضة بين المبتدأ والخبر ، للترغيب في اكتساب ما لا يكتنهه وصف الواصف من النعيم الخالد مع التعظيم بما هو في الوسع ، وهو الإمكان الواسع غير الضيق من الإيمان والعمل الصالح " .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ لَا نُكَلِّفُ نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَآ أُوْلَـٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَنَّةِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ} (42)

لما ذكر تعالى حال الأشقياء{[11739]} عطف بذكر حال السعداء ، فقال : { وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ } أي : آمنت قلوبهم وعملوا الصالحات بجوارحهم ، ضد أولئك الذين كفروا بآيات الله ، واستكبروا عنها .

وينبه{[11740]} تعالى على أن الإيمان والعمل به سهل ؛ لأنه تعالى قال : { لا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } .


[11739]:في أ: "ما للأشقياء".
[11740]:في م، أ: "ونبه".
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ لَا نُكَلِّفُ نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَآ أُوْلَـٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَنَّةِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ} (42)

وقوله تعالى : { والذين آمنوا وعملوا الصالحات } الآية ، هذه آية وعد مخبرة أن جميع المؤمنين هم أصحاب الجنة ولهم الخلد فيها ، ثم اعترض أثناء القول بعقب الصفة ، التي شرطها في المؤمنين باعتراض يخفف الشرط ويرجى في رحمة الله ويعلم أن دينه يسر وهذه الآية نص في أن الشريعة لا يتقرر من تكاليفها شيء لا يطاق ، وقد تقدم القول في جواز تكليف ما لا يطاق وفي وقوعه بمغن عن الإعادة ، و «الوسع » معناه الطاقة وهو القدر الذي يتسع له قدر البشر .