تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِنِّيٓ ءَامَنتُ بِرَبِّكُمۡ فَٱسۡمَعُونِ} (25)

{ إِنِّي إِذًا } أي : إن عبدت آلهة هذا وصفها { لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ } فجمع في هذا الكلام ، بين نصحهم ، والشهادة للرسل بالرسالة ، والاهتداء والإخبار بِتعيُّن{[753]}  عبادة اللّه وحده ، وذكر الأدلة عليها ، وأن عبادة غيره باطلة ، وذكر البراهين عليها ، والإخبار بضلال من عبدها ، والإعلان بإيمانه جهرا ، مع خوفه الشديد من قتلهم ، فقال : { إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ } فقتله قومه ، لما سمعوا منه وراجعهم بما راجعهم به .


[753]:- كذا في ب، وفي أ: بتعيين.

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِنِّيٓ ءَامَنتُ بِرَبِّكُمۡ فَٱسۡمَعُونِ} (25)

ثم ختم حديثه معهم بإعلان إيمانه بكل صراحة وقوة فقال : { إني آمَنتُ بِرَبِّكُمْ }، الذى خلقكم ورزقكم { فاسمعون } أى : فاسمعوا ما نطقت به ، واشهدوا لى بأنى آمنتت بربكم الذى خلقكم وخلقنى ، وكفرت بهؤلاء الشركاء ، ولن أشرك معه - سبحانه - فى العبادة أحدا . مهما كانت النتائج .

وهكذا نرى الرجل الصالح الذى استقر الإِيمان فى قلبه ومشاعره ووجدانه يدافع عن الحق الذى آمن به دفاعا قويا دون أن يخشى أحد إلا الله ، ويدعو قومه بشتى الأساليب إلى اتباعه ويقيم لهم ألوانا من الأدلة على صحة ما يدعو إليه .

ثم يصارحهم فى النهاية ، ويشهدهم على هذه المصارحة ، بأنه قد آمن بما جاء به الرسل إيمانا لا يقبل الشك أو التردد ، ولا يثنيه عنه وعد أو وعيد أو إيذاء أو قتل .

ورحم الله صاحب الكشاف ، فقد أجاد فى تصوير هذه المعانى فقال ما ملخصه : قوله { اتبعوا مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُّهْتَدُونَ } كلمة جامعة فى الاستجابة لدعوة الرسل ، أى : لا تخسرون معهم شيئا من دنياكم ، وتربحون صحة دينكم ، فينتظم لكم خير الدنيا وخير الآخرة .

ثم أبرز الكلام فى مرض المناصحة لنفسه ، وهو يريد مناصحتهم ، وليتلطف بهم وبداريهم . . . فقال : { وَمَا لِيَ لاَ أَعْبُدُ الذي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } .

ثم قال : { إني آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فاسمعون } يريد فاسمعوا قولى وأطيعونى ، فقد نيهتكم على الصحيح الذى لا معدل عنه ، أن العبادة لا تصح إلا لمن منه مبتدؤكم وإليه مرجعكم .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِنِّيٓ ءَامَنتُ بِرَبِّكُمۡ فَٱسۡمَعُونِ} (25)

وقوله : { إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ } : قال ابن إسحاق - فيما بلغه عن ابن عباس وكعب ووهب - يقول لقومه : { إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ } الذي كفرتم به ، { فَاسْمَعُونِ } أي : فاسمعوا قولي .

ويحتمل أن يكون خطابه للرسل بقوله : { إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ } أي : الذي أرسلكم ، { فَاسْمَعُونِ } أي : فاشهدوا لي بذلك عنده . وقد حكاه ابن جرير فقال : وقال آخرون : بل خاطب بذلك الرسل ، وقال لهم : اسمعوا قولي ، لتشهدوا لي بما أقول لكم عند ربي ، إني [ قد ]{[24714]} آمنت بربكم واتبعتكم . {[24715]}

وهذا [ القول ]{[24716]} الذي حكاه هؤلاء أظهر في المعنى ، والله أعلم .

قال ابن إسحاق - فيما بلغه عن ابن عباس وكعب ووهب - : فلما قال ذلك وثبوا عليه وثبة رجل واحد فقتلوه ، ولم يكن له أحد يمنع عنه .

وقال قتادة : جعلوا يرجمونه بالحجارة ، وهو يقول : " اللهم اهد قومي ، فإنهم لا يعلمون " . فلم يزالوا به حتى أقعصوه وهو يقول كذلك ، فقتلوه ، رحمه الله .


[24714]:- زيادة من ت.
[24715]:- تفسير الطبري (22/104).
[24716]:- زيادة من ت.
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{إِنِّيٓ ءَامَنتُ بِرَبِّكُمۡ فَٱسۡمَعُونِ} (25)

{ إني آمنت بربكم } الذي خلقكم ، وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو بفتح الياء . { فاسمعون } فاسمعوا إيماني ، وقيل الخطاب للرسل فإنه لما نصح قومه اخذوا يرجمونه فأسرع نحوهم قبل أن يقتلوه .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِنِّيٓ ءَامَنتُ بِرَبِّكُمۡ فَٱسۡمَعُونِ} (25)

ثم صدع رضي الله تعالى عنه بإيمانه وأعلن فقال { إني آمنت بربكم فاسمعون } واختلف المفسرون في قوله { فاسمعون } فقال ابن عباس وكعب ووهب : خاطب بها قومه .

قال القاضي أبو محمد : على جهة المبالغة والتنبيه ، وقيل خاطب بها الرسل على جهة الاشهاد بهم{[9787]} والاستحفاظ عندهم ، وقرأ الجمهور «فاسمعونِ » بكسر النون على نية الياء بعدها وروى أبو بكر عن عاصم «فاسمعونَ » بفتح النون قال أبو حاتم : هذا خطأ لا يجوز لأنه أمر ، فإما حذف النون وإما كسرها على نية الياء .

قال القاضي أبو محمد : وهنا محذوف تواترت به الأحاديث والروايات ، وهو أنهم قتلوه ، واختلف كيف ، فقال قتادة وغيره : رجموه بالحجارة ، وقال عبد الله بن مسعود ، مشوا عليه بأقدامهم حتى خرج قصبه{[9787]} من دبره .


[9787]:القُصب-بضم القاف وسكون الصاد- المِعى، والجمع: أقصاب.