تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَمَا لَنَا لَا نُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَمَا جَآءَنَا مِنَ ٱلۡحَقِّ وَنَطۡمَعُ أَن يُدۡخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلصَّـٰلِحِينَ} (84)

فكأنهم ليموا على إيمانهم ومسارعتهم فيه ، فقالوا : { وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ } أي : وما الذي يمنعنا من الإيمان بالله ، والحال أنه قد جاءنا الحق من ربنا ، الذي لا يقبل الشك والريب ، ونحن إذا آمنا واتبعنا الحق طمعنا أن يدخلنا الله الجنة مع القوم الصالحين ، فأي مانع يمنعنا ؟ أليس ذلك موجبا للمسارعة والانقياد للإيمان وعدم التخلف عنه .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَمَا لَنَا لَا نُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَمَا جَآءَنَا مِنَ ٱلۡحَقِّ وَنَطۡمَعُ أَن يُدۡخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلصَّـٰلِحِينَ} (84)

ثم حكى - سبحانه - بعد ذلك عنهم ما علمه منهم من إصرارهم على الدخول في الدين الحق ، فقال . { وَمَا لَنَا لاَ نُؤْمِنُ بالله وَمَا جَآءَنَا مِنَ الحق وَنَطْمَعُ أَن يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ القوم الصالحين } .

فالآية الكريمة من تتمة قولهم .

والاستفهام هنا لإِنكار انتفاء الإِيمان منهم مع قيام موجباته ، وظهور أماراته ووضوح أدلته وشواهده .

والمعنى : وأي مانع يمنعنا من الإِيمان بالله الواحد الأحد الفرد الصمد ، وبما جاءنا على لسان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم من قرآن يهدي إلى الرشد ومن توجيهات توصل إلى السعادة ونحن نطمع أن يدخلنا ربنا - بسبب إيماننا - مع القوم الذين صلحت أنفسهم بالعقيدة السليمة ، وبالعبادات الصحيحة وبالإخلاق الفاضلة وهم أتباع هذا النبي الأمي محمد صلى الله عليه وسلم فأنت تراهم بعد أن استمعوا إلى القرآن تأثرت نفوسهم به تأثراً شديداص فاضت معه أعينهم بالدمع . ثم بعد ذلك التمسوا من الله - تعالى - أن يكتبهم مع الأمة الإِسلامية التي تشهد على غيرها يوم القيامة . ثم بعد ذلك استنكروا واستبعدوا أن يعوقهم معوق عن الإِيمان الصحيح مع قيام موجباته . وهذا كله يدل على صفاء نفوسهم وطهارة قلوبهم ومسارعتهم إلى قبول الحق عند ظهوره بدون تردد أو تقاعس :

وقولهم - كما حكى القرآن عنهم - { وَنَطْمَعُ أَن يُدْخِلَنَا } يدل على قوة إيمانهم ، ’ وصدق يقينهم ، لأنهم مع هذا الإِقبال الشديد على الدين الحق والمسارعة إلى العمل الصالح ، لم يجزموا بحسن عاقبتهم ، بل التمسوا من الله - تعالى - الطمع في مغفرته ، وفي أن يجعلهم مع القوم الصالحين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم .

وهكذا المؤمن الصادق يستصغر عمله بجانب فضل الله ونعمه ، ويقف من جزائه وثوابه - سبحانه - موقف الخوف والرجاء .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَمَا لَنَا لَا نُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَمَا جَآءَنَا مِنَ ٱلۡحَقِّ وَنَطۡمَعُ أَن يُدۡخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلصَّـٰلِحِينَ} (84)

82

{ وَمَا لَنَا لا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ } وهذا الصنف من النصارى هم المذكورون في قوله [ عز وجل ]{[10220]} { وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنزلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنزلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ [ لا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلا أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِِ ] }{[10221]} الآية [ آل عمران : 199 ] ، وهم الذين قال الله فيهم : { الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ * وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ * أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ ] }{[10222]} إلى قوله { لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ } [ القصص : 52 - 55 ] ؛ ولهذا قال تعالى ههنا : { فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ }{[10223]}


[10220]:زيادة من أ.
[10221]:زيادة من ر، أ، وفي هـ: "الآية".
[10222]:زيادة من ر، أ، وفي هـ: "إلى قوله".
[10223]:في ر: "الأنهار خالدين فيها".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَمَا لَنَا لَا نُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَمَا جَآءَنَا مِنَ ٱلۡحَقِّ وَنَطۡمَعُ أَن يُدۡخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلصَّـٰلِحِينَ} (84)

{ وما لنا لا نؤمن بالله وما جاءنا من الحق ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين } استفهام إنكار واستبعاد لانتفاء الإيمان مع قيام الداعي وهو الطمع في الانخراط مع الصالحين ، والدخول في مداخلهم أو جواب سائل قال لم أمنتم ؟ و{ لا نؤمن } حال من الضمير والعامل ما في اللام من معنى الفعل ، أي أي شيء حصل لنا غير مؤمنين بالله ، أي بوحدانيته فإنهم كانوا مثلثين . أو بكتابه ورسوله فإن الإيمان بهما إيمان به حقيقة وذكره توطئه وتعظيما ، ونطمع عطف على نؤمن أو خبر محذوف ، والواو للحال أي ونحن نطمع والعامل فيها عامل الأولى مقيدا بها أو نؤمن .