تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَنَبِّئۡهُمۡ أَنَّ ٱلۡمَآءَ قِسۡمَةُۢ بَيۡنَهُمۡۖ كُلُّ شِرۡبٖ مُّحۡتَضَرٞ} (28)

{ وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ } أي : وأخبرهم أن الماء أي : موردهم الذي يستعذبونه ، قسمة بينهم وبين الناقة ، لها شرب يوم ولهم شرب يوم آخر معلوم ، { كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ } أي : يحضره من كان قسمته ، ويحظر على من ليس بقسمة له .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَنَبِّئۡهُمۡ أَنَّ ٱلۡمَآءَ قِسۡمَةُۢ بَيۡنَهُمۡۖ كُلُّ شِرۡبٖ مُّحۡتَضَرٞ} (28)

ثم بين - سبحانه - بعد ذلك ، ما أمر به نبيه صالحا - عليه السلام - فقال : { إِنَّا مُرْسِلُواْ الناقة فِتْنَةً لَّهُمْ فارتقبهم واصطبر وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ المآء قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُّحْتَضَرٌ } .

وقوله : { مُرْسِلُواْ الناقة } أى : مخرجوها وباعثوها ، لأنهم اقترحوا على نبيهم صالح أن يأتيهم بمعجزة تدل على صدقه ، لكى يتبعوه ، فأخرج الله - تعالى - لهم تلك الناقة ، من مكان مرتفع قريب منهم .

وإلى هذا المعنى أشار - سبحانه - فى آيات أخرى منها قوله - تعالى - : { قالوا إِنَّمَآ أَنتَ مِنَ المسحرين مَآ أَنتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِن كُنتَ مِنَ الصادقين قَالَ هذه نَاقَةٌ لَّهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ } وقوله { فِتْنَةً } أى : اختبارا وامتحانا لهم ، فهو مفعول لأجله .

وقوله { فارتقبهم } من الارتقاب بمعنى الانتظار ، ومثله { واصطبر } فهو من الاصطبار ،

وأل فى قوله : { وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ المآء قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ } للعهد . أى : الماء المعهود لهم ، وهو ماء قريتهم الذى يستعملونه فى حوائجهم المتنوعة .

وقوله : { قِسْمَةٌ } بمعنى المقسوم ، وعبر عنه بالمصدر للمبالغة .

والضمير فى " بينهم " يعود عليهم وعلى الناقة ، وجىء بمضير العقلاء على سبيل التغليب .

وقوله : { مُّحْتَضَرٌ } اسم مفعول من الحضور الذى هو ضد الغيبة ، وحذف المتعلق لظهوره . أى : محتضر عنده صاحبه .

والشِّرْب : النصيب والمرة من الشُّرب .

أى : وقلنا لنبينا صالح على سبيل الإرشاد والتعليم ، بعد أن طلب منه قومه معجزة تدل على صدقه . قلنا له . أخبرهم أننا سنرسل الناقة ، وسنخرجها لهم أمام أعينهم ، لتكون دليلا على صدقك ، ولتكون امتحانا واختبارا لهم ، حتى يظهر لك وللناس أيؤمنون أم يصرون على كفرهم .

{ فارتقبهم } - أيها الرسول الكريم - ، وانتظر ماذا سيصنعون بعد ذلك { واصطبر } على أذاهم صبرا جميلا ، حتى يحكم الله بينك وبينهم .

{ وَنَبِّئْهُمْ } أى : وأخبرهم خبرا هاما ، هذا الخبر هو { أَنَّ المآء } الذى يستقون منه { قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ } وبين الناقة ، أى : مقسوم بينهم وبينها ، فهم لا يشاركونها فى يوم شربها ، وهى لا تشاركهم فى يوم شربهم .

{ كُلُّ شِرْبٍ مُّحْتَضَرٌ } أى : كل نصيب من الماء يحضره من هوله ، فالناقة تحضر إلى الماء فى يومها ، وهم يحضرون إليه فى يوم آخر .

ففى هاتين الآيتين تعليم حكيم من الله - تعالى - لنبيه صالح ، وإرشاد له إلى ما يجب أن يسكله معهم ، بيقظة واعية يدل عليها قوله - تعالى- : { فارتقبهم } وبصبر جميل لا يأس معه ولا ضجر ، كما يشير إليه قوله - تعالى - : { واصطبر } .

وسياق القصة ينبىء عن كلام محذوف ، يعلم من سياقها ، والتقدير : أرسلنا الناقة ، وقلنا له أخبرهم ، أن الماء مقسوم بينهم وبين الناقة واستمروا على ذلك فترة من الزمان ، ولكنهم ملوا هذه القسمة ، ولم يرتضوها ، وأجمعوا على قتل الناقة .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَنَبِّئۡهُمۡ أَنَّ ٱلۡمَآءَ قِسۡمَةُۢ بَيۡنَهُمۡۖ كُلُّ شِرۡبٖ مُّحۡتَضَرٞ} (28)

{ وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ } أي : يوم لهم ويوم للناقة ، كقوله : { قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ } [ الشعراء : 155 ] .

وقوله : { كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ } قال مجاهد : إذا غابت حضروا الماء ، وإذا جاءت حضروا اللبن .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَنَبِّئۡهُمۡ أَنَّ ٱلۡمَآءَ قِسۡمَةُۢ بَيۡنَهُمۡۖ كُلُّ شِرۡبٖ مُّحۡتَضَرٞ} (28)

وقوله : ونَبّئْهُمْ أنّ الماءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ يقول تعالى ذكره : نبئهم : أخبرهم أن الماء قسمة بينهم ، يوم غبّ الناقة ، وذلك أنها كانت ترد الماء يوما ، وتغبّ يوما ، فقال جلّ ثناؤه لصالح : أخبر قومك من ثمود أن الماء يوم غبّ الناقة قسمة بينهم ، فكانوا يقتسمون ذلك يوم غبها ، فيشربون منه ذلك اليوم ، ويتزوّدون فيه منه ليوم ورودها .

وقد وجه تأويل ذلك قوم إلى أن الماء قسمة بينهم وبين الناقة يوما لهم ويوما لها ، وأنه إنما قيل بينهم ، والمعنى : ما ذكرت عندهم ، لأن العرب إذا أرادت الخبر عن فعل جماعة بني آدم مختلطا بهم البهائم ، جعلوا الفعل خارجا مخرج فعل جماعة بني آدم ، لتغليبهم فعل بني آدم على فعل البهائم .

وقوله : كُل شِرْب مُحْتَضَرٌ يقول تعالى ذكره : كلّ شرب من ماء يوم غبّ الناقة ، ومن لبن يوم ورودها محتضر يحتضرونه . كما :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : كُلّ شِرْب مُحْتَضَر قال : يحضرون بهم الماء إذا غابت ، وإذا جاءت حضروا اللبن .

حدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : كُل شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ قال : يحضرون بهم الماء إذا غابت ، وإذا جاءت حضروا اللبن .