تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَأَمَّا ٱلۡيَتِيمَ فَلَا تَقۡهَرۡ} (9)

[ ولهذا قال : ] { فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ } أي : لا تسيء معاملة اليتيم ، ولا يضق صدرك عليه ، ولا تنهره ، بل أكرمه ، وأعطه ما تيسر ، واصنع به كما تحب أن يصنع بولدك من بعدك .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَأَمَّا ٱلۡيَتِيمَ فَلَا تَقۡهَرۡ} (9)

قال - تعالى - : { فَأَمَّا اليتيم فَلاَ تَقْهَرْ . . } والقهر : التغلب على الغير والإِذلال له .

أى : إذا كان الأمر كما أخبرتك من أنك كنت يتيما فآويناك ، وكنت ضالا فهديناك ، وكنت فقيرا فأغنيناك ، فتذكر هذه النعم ، واشكر ربك عليها ، ومن مظاهر هذا الشكر : أن تواسى اليتيم ، وأن تكرمه . وأن تكون رفيقا به . . ولا تكن كأهل الجاهلية الذين كانوا يقهرون الأيتام ويذلونهم ويظلمونهم . .

ولقد استجاب النبى صلى الله عليه وسلم لما أمره ربه به ، فأكرم اليتامى ورعاهم ، وحض على ذلك فى أحاديث كثيرة منها قوله صلى الله عليه وسلم : " " أنا وكافل اليتيم كهاتين فى الجنة " وأشار صلى الله عليه وسلم . بأصبعيه السبابه والوسطى " . ومن الآيات القرآنية التى وردت فى هذا المعنى قوله - تعالى - : { وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ اليتيم إِلاَّ بالتي هِيَ أَحْسَنُ حتى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ . . . } وقد تكرر الأمر برعاية اليتيم ، وبالمحافظة على ماله فى مطلع سورة النساء خمس مرات قال - تعالى - : { وَآتُواْ اليتامى أَمْوَالَهُمْ . . . } وقال - سبحانه - : { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي اليتامى فانكحوا مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ النسآء مثنى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ . . . } وقال - عز وجل - : { وابتلوا اليتامى حتى إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ . . . } وقال سبحانه - : { وَإِذَا حَضَرَ القسمة أُوْلُواْ القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم مِّنْهُ وَقُولُواْ لَهُمْ . . . }

وقال - تعالى - : { إِنَّ الذين يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ اليتامى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً . . . }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَأَمَّا ٱلۡيَتِيمَ فَلَا تَقۡهَرۡ} (9)

وبمناسبة ما ذكره ربه بإيوائه من اليتم ، وهدايته من الحيرة وإغنائه من العيلة . . يوجهه ويوجه المسلمين من ورائه إلى رعاية كل يتيم ، وإلى كفاية كل سائل ، وإلى التحدث بنعمة الله الكبرى عليه ، وفي أولها : الهداية إلى هذا الدين :

( فأما اليتيم فلا تقهر . وأما السائل فلا تنهر . وأما بنعمة ربك فحدث ) . .

وهذه التوجيهات إلى إكرام اليتيم والنهي عن قهره وكسر خاطره وإذلاله ،

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَأَمَّا ٱلۡيَتِيمَ فَلَا تَقۡهَرۡ} (9)

وكما عدد الله عليه هذه النعم الثلاث وصاه بثلاث وصايا في كل نعمة وصية مناسبة لها ، فبإزاء قوله { ألم يجدك يتيماً فآوى } قوله { فأما اليتيم فلا تقهر } ، وبإزاء قوله { ووجدك ضالاً فهدى } قوله { وأما السائل فلا تنهر } ، هذا عليه قول من قال إن { السائل } هنا هو السائل عن العلم والدين وليس بسائل المال ، وهو قول أبي الدرداء والحسن وغيره ، وبإزاء قوله { ووجدك عائلاً فأغنى } قوله { وأما بنعمة ربك فحدث } ومن قال إن { السائل } هو سائل المحتاج وهو قول الفراء عن جماعة ، ومعنى { فلا تنهر } جعلها بإزاء قوله { ووجدك عائلاً فأغنى } ، وجعل قوله { وأما بنعمة ربك فحدث } بإزاء قوله { ووجدك ضالاً فهدى } ، وقال إبراهيم بن أدهم نعم القول السؤال يجملون زادنا إلى الآخرة ، { فلا تنهر } معناه : فرد رداً جميلاً إما بعطاء وإما بقول حسن ، وفي مصحف ابن مسعود «ووجدك عديماً فأغنى » ، وقرأ ابن مسعود والشعبي وإبراهيم التيمي ، «فأما اليتيم فلا تكهر » بالكاف ، قال الأخفش هي بمعنى القهر ، ومنه قول الأعرابي : وقاكم الله سطوة القادر وملكة الكاهر ، وقال أبو حاتم لا أظنها بمعنى القهر لأنه قد قال الأعرابي الذي بال في المسجد : فأكهرني النبي صلى الله عليه وسلم فإنها هي بمعنى الإشهار .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَأَمَّا ٱلۡيَتِيمَ فَلَا تَقۡهَرۡ} (9)

الفاء الأولى فصيحة .

و ( أما ) تفيد شرطاً مقدراً تقديره : مهما يكن من شيء ، فكان مفادها مشعراً بشرط آخر مقدر هوالذي اجتلبت لأجله فاء الفصيحة ، وتقدير نظم الكلام إذ كنت تعلم ذلك وأقررت به فعليك بشكر ربك ، وبيّن له الشكر بقوله : { أمّا اليتيم فلا تقهر } الخ .

وقد جُعل الشكر هنا مناسباً للنعمة المشكور عليها وإنما اعتبر تقدير : إذا أردتَ الشكر ، لأن شكر النعمة تنساق إليه النفوس بدافع المروءة في عرف الناس ، وصُدر الكلام ب ( أما ) التفصيلية لأنه تفصيل لمجمل الشكر على النعمة .

ولما كانت ( أمَّا ) بمعنى : ومهما يكن شيء ، قرن جوابها بالفاء .

واليتيم مفعول لفعل { فلا تقهر } . وقدم للاهتمام بشأنه ولهذا القصد لم يؤت به مرفوعاً وقد حصل مع ذلك الوفاء باستعمال جواب ( أما ) أن يكون مفصولاً عن ( أما ) بشيء كراهية موالاة فاء الجواب لحرف الشرط . ويظهر أنهم ما التزموا الفصل بين ( أما ) وجوابها بتقديم شيء من علائق الجواب إلا لإِرادة الاهتمام بالمقدم لأن موقع ( أما ) لا يخلو عن اهتمام بالكلام اهتماماً يرتكز في بعض أجزاء الكلام ، فاجتلاب ( أما ) في الكلام أثر للاهتمام وهو يقتضي أن مثار الاهتمام بعض متعلِّقات الجملة ، فذلك هو الذي يعتنون بتقديمه وكذلك القول في تقديم { السائل } وتقديم { بنعمة ربك } على فعليهما .

وقد قوبلت النعم الثلاث المتفرع عليها هذا التفصيل بثلاثة أعمال تقابلها . فيجوز أن يكون هذا التفصيل على طريقة اللف والنشر المرتب . وذلك ما درج عليه الطيبي ، ويجري على تفسير سفيان بن عيينة { السائل } بالسائل عن الدين والهدى ، فقوله : { فأما اليتيم فلا تقهر } مقابل لقوله : { ألم يجدك يتيماً فآوى } [ الضحى : 6 ] لا محالة ، أي فكما آواك ربك وحفظك من عوارض النقص المعتاد لليُتم ، فكن أنت مُكرماً للأيتام رفيقاً بهم ، فجمع ذلك في النهي عن قهره ، لأن أهل الجاهلية كانوا يقهرون الأيتام ولأنه إذا نهى عن قهر اليتيم مع كثرة الأسباب لقهره لأن القهر قد يصدر من جراء القلق من مطالب حاجاته فإن فلتات اللسان سريعة الحصول كما قال تعالى : { فلا تقل لهما أف } [ الإسراء : 23 ] وقال : { وإما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك ترجوها فقل لهم قولاً ميسوراً } [ الإسراء : 28 ] .

والقهر : الغلبة والإذلال وهو المناسب هنا ، وتكون هذه المعاني بالفِعل كالدَّعّ والتحقير بالفعل وتكون بالقول قال تعالى : { وقولوا لهم قولاً معروفاً } [ النساء : 5 ] ، وتكون بالإِشارة مثل عُبوس الوجه ، فالقهر المنهي عنه هو القهر الذي لا يعامَل به غير اليتيم في مثل ذلك فأما القهر لأجل الاستصلاح كضرب التأديب فهو من حقوق التربية قال تعالى : { وإن تخالطوهم فإخوانكم } [ البقرة : 220 ] .

وقوله : { وأما السائل فلا تنهر } مقابل قوله : { ووجدك ضالاً فهدى } [ الضحى : 7 ] لأن الضلال يستعدي السؤال عن الطريق ، فالضال معتبر من نصف السائلين .

والسائل عن الطريق قد يتعرض لحماقة المسؤول كما قال كعب :

وقال كُل خليل كنت آمله *** لا أُلْهِيَنَّك أني عنك مشغول

فجعل الله الشكر عن هدايته إلى طريق الخير أن يوسع باله للسائلين .

فلا يختص السائلُ بسائل العطاء بل يشمل كل سائل وأعظم تصرفات الرسول صلى الله عليه وسلم بإرشاد المسترشدين ، وروي هذا التفسير عن سفيان بن عيينة . روى الترمذي عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الناس لكم تبع وإن رجالاً يأتونكم من أقطار الأرض يتفقهون فإذا أتوكم فاستَوْصوا بهم خيراً " قال هارون العبدي : كنا إذا أتيْنا أبا سعيد يقول : مرحباً بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{فَأَمَّا ٱلۡيَتِيمَ فَلَا تَقۡهَرۡ} (9)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

ثم وصاه الله عز وجل ، فقال :{ فأما اليتيم فلا تقهر } يقول : لا تنهره ، ولا تعبس في وجهه ، فقد كنت يتيما...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

فلا تظلمه ، فتذهب بحقه ، استضعافا منك له... عن مجاهد فَأمّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ قال : تُغْمِصه وَتَحْقِرْه . ...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

وجائز أن يكون قوله : { فلا تقهر } أي لا تمنع حقه ، وادفع إليه حقه وماله ، أو يكون ذكر هذا ليقول : كنت يتيما ، ورأيت حال اليتيم فيكون على الصلة لقوله : { ألم يجدك يتيما فآوى } { فلا تقهر } اليتيم بعد ذلك . ...

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

وكما عدد الله عليه هذه النعم الثلاث وصاه بثلاث وصايا في كل نعمة وصية مناسبة لها ، فبإزاء قوله { ألم يجدك يتيماً فآوى } قوله { فأما اليتيم فلا تقهر } ...

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

والمعنى عامله بمثل ما عاملتك به ، ونظيره من وجه : { وأحسن كما أحسن الله إليك } ...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{ فأما اليتيم } أي هذا النوع { فلا تقهر } أي تغلبه على شيء فإنما أذقتك اليتم تأديباً بأحسن الآداب لتعرف ضعف اليتيم وذله ، وفوق ذلك كفالته وهي خلافة عن الله، لأن اليتيم لا كافل له إلا الله ، ...ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : " أنا وكافل اليتيم كهاتين " - وأشار بالسبابة والوسطى .

روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي 1270 هـ :

... في الآية دلالة على الاعتناء بشأن اليتيم...

تيسير التفسير لاطفيش 1332 هـ :

لا تقهره عن عمل لا يقدر عليه من مصالحه فضلاً عن مصالح غيره ولا عن ماله بأًن تأكله ولا عن عرضه وحرمته بأن تهينه بأمر ما أو تشتمه أو تتعبس في وجهه وكلما فعلت به مما يكره فهو قهر لأَنه لا يقدر عليك...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

وبمناسبة ما ذكره ربه بإيوائه من اليتم ، وهدايته من الحيرة وإغنائه من العيلة . . يوجهه ويوجه المسلمين من ورائه إلى رعاية كل يتيم ، وإلى كفاية كل سائل ، وإلى التحدث بنعمة الله الكبرى عليه ، وفي أولها : الهداية إلى هذا الدين :

( فأما اليتيم فلا تقهر . وأما السائل فلا تنهر . وأما بنعمة ربك فحدث ) . .

وهذه التوجيهات إلى إكرام اليتيم والنهي عن قهره وكسر خاطره وإذلاله ،

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

...وقد قوبلت النعم الثلاث المتفرع عليها هذا التفصيل بثلاثة أعمال تقابلها... فقوله : { فأما اليتيم فلا تقهر } مقابل لقوله : { ألم يجدك يتيماً فآوى } [ الضحى : 6 ] لا محالة ، أي فكما آواك ربك وحفظك من عوارض النقص المعتاد لليُتم ، فكن أنت مُكرماً للأيتام رفيقاً بهم ، فجمع ذلك في النهي عن قهره ، لأن أهل الجاهلية كانوا يقهرون الأيتام، ولأنه إذا نهى عن قهر اليتيم مع كثرة الأسباب لقهره لأن القهر قد يصدر من جراء القلق من مطالب حاجاته، فإن فلتات اللسان سريعة الحصول كما قال تعالى : { فلا تقل لهما أف } [ الإسراء : 23 ] وقال : { وإما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك ترجوها فقل لهم قولاً ميسوراً } [ الإسراء : 28 ] .

والقهر : الغلبة والإذلال وهو المناسب هنا ، وتكون هذه المعاني بالفِعل كالدَّعّ والتحقير بالفعل وتكون بالقول قال تعالى : { وقولوا لهم قولاً معروفاً } [ النساء : 5 ] ، وتكون بالإِشارة مثل عُبوس الوجه ، فالقهر المنهي عنه هو القهر الذي لا يعامَل به غير اليتيم في مثل ذلك، فأما القهر لأجل الاستصلاح كضرب التأديب فهو من حقوق التربية قال تعالى : { وإن تخالطوهم فإخوانكم } [ البقرة : 220 ] .

وقوله : { وأما السائل فلا تنهر } مقابل قوله : { ووجدك ضالاً فهدى } [ الضحى : 7 ] لأن الضلال يستعدي السؤال عن الطريق ، فالضال معتبر من نصف السائلين ... فجعل الله الشكر عن هدايته إلى طريق الخير أن يوسع باله للسائلين . فلا يختص السائلُ بسائل العطاء بل يشمل كل سائل، وأعظم تصرفات الرسول صلى الله عليه وسلم بإرشاد المسترشدين...

التيسير في أحاديث التفسير للمكي الناصري 1415 هـ :

{ فأما اليتيم فلا تقهر } ، أي : اكفله وقربه وأصلح أمره ، { وأمّا السائل فلا تنهر } ، أي : إما أن تعطيه مما أعطاك الله ، أو تعده ، أو ترده ردا جميلا بكلمة طيبة ويندرج تحت هذه الآية السائل عن دينه من أجل البيان والمعرفة . { وأما بنعمة ربك فحدث } ، أي : اشكر إحسان الله إليك وإنعامه عليك ، بالجوارح واللسان والجنان .

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

وهذا يدل على أنّ هناك مسألة أهم من الإطعام والإنفاق بشأن الأيتام ، وهي اللطف بهم والعطف عليهم وإزالة إحساسهم بالنقص العاطفي .... كأنّ اللّه يخاطب نبيّه قائلاً : لقد كنت يتيماً أيضاً وعانيت من آلام اليتم ، والآن عليك أن تهتم بالأيتام كل اهتمام وأن تروي روحهم الظمأى بحبّك وعطفك .