فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{فَأَمَّا ٱلۡيَتِيمَ فَلَا تَقۡهَرۡ} (9)

ثم أوصاه سبحانه باليتامى والفقراء فقال { فأما اليتيم فلا تقهر } . أي لا تقهره بوجه من وجوه القهر كائنا ما كان قال مجاهد لا تحتقر اليتيم فقد كنت يتيما قال الأخفش لا تسلط عليه بالظلم ادفع إليه حقه واذكر يتمك ، قال الفراء والزجاج لا تقهره على ماله فتذهب بحقه لضعفه وكذا كانت العرب تفعل في حق اليتامى تأخذ أموالهم وتظلمهم حقوقهم ، فكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يحسن إلى اليتيم ويبره ويوصي باليتامى .

قرأ الجمهور فلا تقهر بالقاف وقرئ بالكاف ، والعرب تعاقب بين القاف والكاف ، قال النحاس إنما يقال كهره إذا اشتد عليه وغلظ ، وقيل القهر الغلبة والكهر الزجر ، قال أبو حيان هي لغة يعني قراءة الكاف مثل قراءة الجمهور .

عن سهل بن سعد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا وأشار بالسبابة وفرج بينهم " أخرجه البخاري وفي الباب أحاديث{[1721]} .

واليتيم منصوب بتقهر ، وبه استدل ابن مالك على أنه لا يلزم من تقديم المعمول تقديم العالم ألا ترى أن اليتيم منصوب بالمجزوم ، وقد تقدم على الجازم ، ولو قدمت تقهر على " لا " امتنع لأن المجزوم لا يتقدم على جازمه كالمجرور لا يتقدم على جاره قاله السمين .


[1721]:صحيح البخاري.