مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{فَأَمَّا ٱلۡيَتِيمَ فَلَا تَقۡهَرۡ} (9)

قوله تعالى : { فأما اليتيم فلا تقهر } وقرئ فلا تكهر ، أي لا تعبس وجهك إليه ، والمعنى عامله بمثل ما عاملتك به ، ونظيره من وجه : { وأحسن كما أحسن الله إليك } ومنه قوله عليه السلام : " الله الله فيمن ليس له إلا الله " ( وروي ) : أنها نزلت حين صاح النبي صلى الله عليه وسلم على ولد خديجة ومنه حديث موسى عليه السلام حين قال : " إلهي بم نلت ما نلت ؟ قال : أتذكر حين هربت منك السخلة ، فلما قدرت عليها قلت : أتعبت نفسك ثم حملتها ، فلهذا السبب جعلتك وليا على الخلق ، فلما نال موسى عليه السلام النبوة بالإحسان إلى الشاة فكيف بالإحسان إلى اليتيم ، وإذا كان هذا العتاب بمجرد الصياح أو العبوسية في الوجه ، فكيف إذا أذله أو أكل ماله ، عن أنس عن النبي عليه الصلاة والسلام : " إذا بكى اليتيم وقعت دموعه في كف الرحمن ، ويقول تعالى : من أبكى هذا اليتيم الذي واريت والده التراب ، من أسكته فله الجنة " .