تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ جَزَآؤُهُمۡ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُواْ وَٱتَّخَذُوٓاْ ءَايَٰتِي وَرُسُلِي هُزُوًا} (106)

{ ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ ْ } أي : حبوط أعمالهم ، وأنه لا يقام لهم يوم القيامة ، { وَزْنًا ْ } لحقارتهم وخستهم ، بكفرهم بآيات الله ، واتخاذهم آياته ورسله ، هزوا يستهزئون بها ، ويسخرون{[501]}  منها ، مع أن الواجب في آيات الله ورسله ، الإيمان التام بها ، والتعظيم لها ، والقيام بها أتم القيام ، وهؤلاء عكسوا القضية ، فانعكس أمرهم ، وتعسوا ، وانتكسوا في العذاب . ولما بين مآل الكافرين وأعمالهم ، بين أعمال المؤمنين ومآلهم فقال : { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا * خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا ْ }


[501]:- في النسختين: ويستخرون.
 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ جَزَآؤُهُمۡ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُواْ وَٱتَّخَذُوٓاْ ءَايَٰتِي وَرُسُلِي هُزُوًا} (106)

ثم ختم - سبحانه - الآيات الكريمة ببيان مآل أمرهم فقال : { ذَلِكَ جَزَآؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُواْ وَاتَّخَذُواْ آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُواً } .

فاسم الإِشارة " ذلك " مشار به إلى عقابهم السابق المتمثل فى حبوط أعمالهم واحتقار شأنهم . وهو خبر لمبتدأ محذوف . أى : أمرهم وشأنهم ذلك الذى بيناه سابقا .

وقوله : { جزاؤهم جهنم } جملة مفسرة لاسم الإِشارة لا محل لها من الإِعراب أو هو جملة مستقلة برأسها مكونة من مبتدأ وخبر .

وقوله : { بِمَا كَفَرُواْ وَاتَّخَذُواْ آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُواً } بيان للأسباب التى جعلتهم وقودا لجهنم .

أى : أن مصيرهم إلى جهنم بسبب كفرهم بكل ما يجب الإِيمان به ، وبسبب اتخاذهم آيات الله الدالة على وحدانيته ، وبسبب اتخاذهم رسله الذين أرسلهم لهدايتهم ، محل استهزاء وسخرية .

فهم لم يكتفوا بالكفر بل أضافوا إلى ذلك السخرية بآيات الله - تعالى - والاستهزاء بالرسل الكرام - عليهم الصلاة والسلام - .

ثم أتبع - سبحانه - هذا الوعيد الشديد للكافرين ، بالوعد الحسن للمؤمنين فقال - تعالى - : { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً . . . } .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ جَزَآؤُهُمۡ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُواْ وَٱتَّخَذُوٓاْ ءَايَٰتِي وَرُسُلِي هُزُوًا} (106)

83

ولهم بعد ذلك جزاؤهم :

( ذلك جزاؤهم جهنم بما كفروا واتخذوا آياتي ورسلي هزوا ) .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ جَزَآؤُهُمۡ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُواْ وَٱتَّخَذُوٓاْ ءَايَٰتِي وَرُسُلِي هُزُوًا} (106)

{ ذلك } أي الأمر ذلك وقوله : { جزاؤهم جهنم } جملة مبينة له ويجوز أن يكون { ذلك } مبتدأ والجملة خبره والعائد محذوف أي جزاؤهم به ، أو جزاؤهم بدله و{ جهنم } خبره أو { جزاؤهم } خبره و{ جهنم } عطف بيان للخبر . { بما كفروا واتخذوا آياتي ورسلي هُزواً } أي بسبب ذلك .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ جَزَآؤُهُمۡ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُواْ وَٱتَّخَذُوٓاْ ءَايَٰتِي وَرُسُلِي هُزُوًا} (106)

وقوله { ذلك } إشارة إلى ترك إقامة الوزن و { جزاؤهم } خبر الابتداء في قوله { ذلك } ، وقوله { جهنم } بدل منه ، و { ما } في قوله { بما كفروا } مصدرية و «الهزء » الاستخفاف والسخرية .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ جَزَآؤُهُمۡ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُواْ وَٱتَّخَذُوٓاْ ءَايَٰتِي وَرُسُلِي هُزُوًا} (106)

الإشارة إما إلى ما تقدّم من وعيدهم في قوله { إنا أعتدنا جهنم للكافرين نزلاً } ، أي ذلك الإعداد جزاؤهم .

وقوله { جزاؤهم } خبر عن اسم الإشارة . وقوله { جهنم } بدل من { جزاؤهم } بدلاً مطابقاً لأن إعداد جهنم هو عين جهنّم . وإعادة لفظ جهنم أكسبه قوّة التأكيد .

وإما إلى مقدر في الذهن دل عليه السياق يبينه ما بعده على نحو استعمال ضمير الشأن مع تقدير مبتدأ محذوف . والتقدير : الأمر والشأن ذلك جزاؤهم جهنّم .

والباء للسببية ، و ( ما ) مصدرية ، أي بسبب كفرهم .

{ واتخذوا } عطف على { كفروا } فهو من صلة ( ما ) المصدرية . والتقدير : وبما اتّخذوا آياتي ورسلي هزؤاً ، أي باتخاذهم ذلك كذلك .

والرسل يجوز أن يراد به حقيقة الجمع فيكون إخباراً عن حال كفار قريش ومن سبقهم من الأمم المكذبين ، ويجوز أن يراد به الرسول الذي أرسل إلى الناس كلهم وأطلق عليه اسم الجمع تعظيماً كما في قوله { نجب دعوتك ونتبع الرّسل } [ إبراهيم : 44 ] .

والهزُؤُ بضمتين مصدر بمعنى المفعول . وهو أشد مبالغة من الوصف باسم المفعول ، أي كانوا كثيري الهزؤ بهم .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ جَزَآؤُهُمۡ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُواْ وَٱتَّخَذُوٓاْ ءَايَٰتِي وَرُسُلِي هُزُوًا} (106)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{ذلك جزاؤهم}، يقول: هذا جزاؤهم،

{جهنم بما كفروا} بالقرآن،

{واتخذوا ءاياتي}، يعني: القرآن،

{ورسلي}، يعني: محمدا صلى الله عليه وسلم،

{هزوا}، يعني: استهزاء بهما أنهما ليسا من الله عز وجل.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: أولئك ثوابهم جهنم بكفرهم بالله، واتخاذهم آيات كتابه وحجج رسله سُخْريا، واستهزائهم برسله.

لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :

هم اليومَ في عقوبة الجحد، وغداً في عقوبة الردِّ. اليوم هم في ذُلِّ الفراق، وغداً في أليمِ الاحتراق...

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

ثم بين تعالى أن ذلك الجزاء جزاء على مجموع أمرين:

أحدهما: كفرهم.

الثاني: أنهم أضافوا إلى الكفر أن اتخذوا آيات الله واتخذوا رسله هزوا، فلم يقتصروا على الرد عليهم وتكذيبهم حتى استهزأوا بهم...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ولما كان هذا السياق في الدلالة على أن لهم جهنم أوضح من الشمس قال: {ذلك} أي الأمر العظيم الذي بيناه من وعيدهم {جزاؤهم} لكن لما كان حاكماً بضلالهم وغباوتهم، بين الجزاء بقوله: {جهنم} وصرح بالسببية بقوله: {بما كفروا} أي وقعوا التغطية للدلائل {واتخذوا ءاياتي} التي هي مع إنارتها أجد الجد وأبعد شيء عن الهزل {ورسلي} المؤيدين بباهر أفعالي مع ما لهم من الشهامة والفضل {هزواً} فلم يكتفوا بالكفر الذي هو طعن في الإلهية حتى ضموا إليه الهزء الذي هو أعظم احتقار.

تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :

{ذَلِكَ جَزَآؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُواْ} لأنهم غيرُ مَعْذورِين في الكفر، لعدم رجوعهم فيه إلى حجّةٍ {وَاتَّخَذُواْ آياتِي وَرُسُلِي هُزُواً} فلم يَرجِعوا إلى قاعدةٍ للفكر في الرفض، وإلى خطٍّ للحوار في الموقف، بل عاشوا أجواءَ السُّخريّة والاستهزاءِ بآيات الله ورسلِه، انطلاقاً من حالتهم النفسية المتمرِّدةِ القَلِقَةِ التي تهرُب من جهد البحثِ عن الحقيقة لتستجيب إلى النَّوازع الذاتيّةِ في أجواء الاستهزاء، مُوحِينَ لأنفسهم بأنهم في موقع القوة، في الوقت الذي تُهاجمهم فيه كلُّ نِقاطِ الضّعفِ...

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

وبذلك فإِنَّ هؤلاء انتَهَوْا إلى إِنكار الأصولِ الأساسيّةِ الثلاثةِ في الاِعتقاد الدينيِّ (المَبْدأ، والمَعاد، ورسالة الأنبياء) والأكثَرُ مِن الإِنكار أنّهم استَهزَأوا بهذه الأُمورِ!...