تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قَالَ هُمۡ أُوْلَآءِ عَلَىٰٓ أَثَرِي وَعَجِلۡتُ إِلَيۡكَ رَبِّ لِتَرۡضَىٰ} (84)

{ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي } أي : قريبا مني ، وسيصلون في أثري والذي عجلني إليك يا رب طلبا لقربك ومسارعة في رضاك ، وشوقا إليك .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{قَالَ هُمۡ أُوْلَآءِ عَلَىٰٓ أَثَرِي وَعَجِلۡتُ إِلَيۡكَ رَبِّ لِتَرۡضَىٰ} (84)

فأجاب معتذرا لربه - تعالى - بقوله : { هُمْ أولاء على أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لترضى } أى : على مقربة منى ، وسيلحقون بى بعد زمن قليل { وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لترضى } أى : وقد حملنى على أن أحضر قلبهم ، شوقى إلى مكالمتك - يا إلهى - وطمعى فى زيادة رضاك عنى .

فموسى - عليه السلام - قد علل تقدمه على قومه فى الحضور بعلتين ، الأولى : أنهم كانوا على مقربة منه . والثانية : حرصه على استدامة رضى ربه عنه .

قال صاحب الكشاف : فأن قلت : { مَآ أَعْجَلَكَ } سؤال عن سبب العجلة ، فكان الذى ينطبق عليه من الجواب أن يقال : طلب زيادة رضاك أو الشوق فى كلامك . وقوله : { هُمْ أولاء على أَثَرِي } كما ترى غير منطبق عليه ؟

قلت : قد تضمن ما واجهه به رب العزة شيئين : أحدهما : إنكار العجلة فى نفسها ، والثانى : السسؤال عن سببها الحامل عليها ، فكان أهم الأمرين إلى موسى بسط العذر ، وتمهيد العلة فى نفس ما أنكر عليه ، فاعتل بأنه لم يوجد منى إلا تقدم يسير ، مثله لا يعتد به فى العادة ، ولا يحتفل به ، وليس بينى وبين من سبقته إلى مسافة قريبة ، يتقدم بمثلها الوفْدَ رئيسُهم ومقدمُهم . ثم عقبه بجواب السؤال عن السبب فقال : { وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لترضى } .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قَالَ هُمۡ أُوْلَآءِ عَلَىٰٓ أَثَرِي وَعَجِلۡتُ إِلَيۡكَ رَبِّ لِتَرۡضَىٰ} (84)

قال : هم أولاء على أثري ، وعجلت إليك رب لترضى . قال : فإنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري ) .

وهكذا فوجئ موسى . . إنه عجلان إلى ربه ، بعدما تهيأ واستعد أربعين يوما ، ليلقاه ويتلقى منه التوجيه الذي يقيم عليه حياة بني إسرائيل الجديدة . وقد استخلصهم من الذل والاستعباد ، ليصوغ منهم أمة ذات رسالة ، وذات تكاليف .

ولكن الاستعباد الطويل والذل الطويل في ظل الفرعونية الوثنية كان قد أفسد طبيعة القوم وأضعف استعدادهم لاحتمال التكاليف والصبر عليها ، والوفاء بالعهد والثبات عليه ؛ وترك في كيانهم النفسي خلخلة واستعدادا للانقياد والتقليد المريح . . فما يكاد موسى يتركهم في رعاية هارون ويبعد عنهم قليلا حتى تتخلخل عقيدتهم كلها وتنهار أمام أول اختبار . ولم يكن بد من اختبارات متوالية وابتلاءات متكررة لإعادة بنائهم النفسي .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قَالَ هُمۡ أُوْلَآءِ عَلَىٰٓ أَثَرِي وَعَجِلۡتُ إِلَيۡكَ رَبِّ لِتَرۡضَىٰ} (84)

{ قال } موسى . { هم أولاء على أثري } أي ما تقدمتهم إلا بخطى يسيرة لا يعتد بها عادة وليس بيني وبينهم إلا مسافة قريبة يتقدم بها الرفقة بعضهم بعضا . { وعجلت إليك رب لترضى } فإن المسارعة إلى امتثال أمرك والوفاء بعهدك توجب مرضاتك .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قَالَ هُمۡ أُوْلَآءِ عَلَىٰٓ أَثَرِي وَعَجِلۡتُ إِلَيۡكَ رَبِّ لِتَرۡضَىٰ} (84)

وقرأت فرقة «أولايَ » بياء مفتوحة{[8146]} . وقوله { على أثري } يحتمل أن يكون في موضع رفع خبراً بعد خبر ، ويحتمل أن يكون في موضع نصب في موضع الحال ، وقرأت فرقة «على أَثَري » بفتح الهمزة والثاء ، وقرأت فرقة «إثْري » بكسر الهمزة وسكون الثاء ، وأعمله موسى عليه السلام أنه إنما استعجل طلب الرضى .


[8146]:حكى ذلك الفراء، وقال الزجاج: إن هذا لا وجه له، قال النحاس: وهو كما قال؛ لأن هذا ليس مما يضاف فيكون مثل هداي، ولا يخلو من إحدى جهتين: إما أن يكون مبهما فإضافته محال، وإما أن يكون بمعنى الذين فلا يضاف أيضا؛ لأن ما بعده من تمامه وهو معرفة. هذا وأهل الحجاز يقولون: "أولاء" ممدودة، وبنو تميم يقولون: "هم أولى" مقصورة مرسلة، حكى ذلك عيسى.