فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{قَالَ هُمۡ أُوْلَآءِ عَلَىٰٓ أَثَرِي وَعَجِلۡتُ إِلَيۡكَ رَبِّ لِتَرۡضَىٰ} (84)

و { قال هم أولاء على أثري } أي بالقرب مني تابعون لأثري واصلون من بعدي ليس بيني وبينهم إلا مسافة يسيرة ، وقيل لم يرد أنهم يسيرون خلفه ؛ بل أراد أنهم بالقرب منه ينتظرون عوده إليهم . بنو تميم يقولون أولى مقصورة وأهل الحجاز أولاء ممدودة ؛ قاله عيسى بن عمرو ، وقرئ إثر بكسر الهمز وإسكان الثاء وبفتحهما وهما لغتان .

ثم قال مصرحا بسبب ما سأله الله عنه ، فقال : { وعجلت إليك رب لترضى } عني بمسارعتي إلى امتثال أمرك أو لتزداد رضا عني بذلك ، وفيه دليل على جواز الاجتهاد ، والمعنى عجلت إلى الموضع الذي أمرتني بالمصير إليه لترضى عني يقال رجل عجل وعجول بين العجلة والعجلة خلاف البطء .

وأخرج سعيد ابن منصور وابن أبي شيبة والبيهقي في الشعب من طريق عمرو بن ميمون عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال : تعجل موسى إلى ربه فرأى في ظل العرش رجلا فعجب له فقال : من هذا يا رب ؟ قال لا أحدثك من هو لكن سأخبرك بثلاث فيه كان لا يحسد الناس على ما آتاهم الله من فضله ولا يعق والديه ولا يمشي بالنميمة .